اعذروا جهلي أنا … إن أنا سألت، فالقرية مريضة من بين مرضى يبحثون عن مكان علاج..

بقلم: محمد بوتخريط

اعذروا جهلي و بساطتي ، و ربما سذاجتي ..إن أنا سألتكم عن ما يعنيه مستشفى متنقل !! أو عيادة طبية متنقلة.؟

أسأل سؤالي هذا بعد أن استوقفني عنوان مستفز أعاد للأذهان مواضيع من تلك التي شغلت الناس وأشبعتهم أسفاً..

الجديد أنه جاء بما هو أكثر أسفاً: (حملة طبية متعددة الاختصاصات لفائدة ساكنة كبدانة والنواحي)! و الإشارة هي “لتنظيم المندوبية الاقليمية لوزارة الصحة بالناظور لقافلة طبية متعددة الاختصاصات ، بالمركز الصحي بتعاونية الفتح بقرية أركمان”.

جهلي قادني الى ويكيبيديا للبحث عن ما يعنيه “مستشفى متنقل” او “قافلة طبية” ووجدت ما معناه :

“المستشفى الميداني هو وحدة طبية متنقلة بشكل مؤقت يهتم بالضحايا والمصابين في الموقع قبل أن يتم نقلهم إلى مكان آمن أو إلى مستشفى أكبر وثابت. ويستخدم هذا المصطلح بشكل كبير مع الإشارة إلى الأوضاع العسكرية، ولكن يمكن أن تستخدم أيضا في أوقات الكوارث أو الحوادث أو الثورات ….}

لم يقنعني جواب ويكيبيديا ليس لشيء اكثر من أن قريتي أركمان أو كبدانة عامة لا تعرف أوضاع عسكرية و لم تعرف لا ” كوارث ولا حوادث و لا ثورات “. المنطقة منطقة آمنة..آهلة بالسكان.

قرّرتُ البحث في أماكن أخرى وبرأسي ألف سؤال حول كيف الحصول على معلومة ما يعنيه مستشفى متنقل !! أو عيادة طبية متنقلة.؟

بحثت في تاريخ “المستشفيات المتنقلة”، وجدت انه كان يطلق عليها قديما “البيمارستانات” «محلات المریض». و العالم الإسلامي عرف هذه المستشفيات منذ عهد الرسول وبالتحديد إبان غزوة الخندق (5هـ، 627م)؛ عندما أمر بضرب خيمة متنقلة للصحابية رفيدة بنت سعد الأسلمية، وكانت أول مستشفى حربيًا متنقلاً لتطبيب الجرحى ..وكان المستشفى المتنقل ، يُنقل من مكان إلى آخر في ضوء الحاجة إليها كانتشار الأوبئة أو بسبب الحروب كما حدث في غزوة الخندق.. وكانت تنقل من منطقة إلى أخرى حيث لا توجد بيمارستانات ثابتة….”

ومرة أخرى لم أجد شيئا مطابقا لحال القرية او كبدانة فعلى الاقل أن في القرية يوجد “بيمارستان” (لمركز الصحي) ولو “بحجم” صغير.
فلماذا إذن” قافلة طبية بالمركز الصحي بتعاونية الفتح بأركمان” ؟

خلاصة الحكاية ..أن المنطقة في حاجة الى مركز صحي كامل ومكمول يدعم مراكز الاقليم ،وليس لقافلة، فالمنطقة ليست منكوبة!!

أليس من العار، منطقة يسكنها آلاف السكان و بها ( شبه) مركز صحي واحد ، بل وأن ذات المركز نفسه بحاجة إلى العديد من الخدمات والتجهيزات، بل لا يمكن حتى الاعتماد عليه في الحالات العادية وما عسى في الحالات الطارئة، بل أحيانا يتم قطع مسافة 25 او 50 كيلو متراً إلى الناظور او وجدة ، من أجل تنويم مريض.

إن حاجة القرية إلى جعل المركز الصحي المتواجد بها مركزا متكاملا يمنح سكانها وسكان كل كبدانة والمناطق المجاورة كل ما يحتاجون إليه من رعاية صحية وخدمات علاجية و وقائية … أن تتواجد فيه كل انواع الادوية الخاصة بمراكز الرعاية الصحية الاولية, وكذلك التجهيزات اللازمة وسيارة اسعاف على مدار الساعة ، كما خدمات الاسنان والمختبر والولادة والاشعة و كل الاجهزة اللازمة والاثاث والكادر الطبي والفني..

هذا خاصة إن علمنا أنها تتواجد بها -علاوة على ما سبق ذكره-مجموعة من المؤسسات التعليمية بين مدارس ابتدائية و إعدادية و ثانوية و مراكز لروض الأطفال … وإدارات عمومية..وشواطئ و….و…فكيف لكل هذا أن يكتفي وفقط بالايام او القافلات الطبية الموسمية و التي هي أصلا يتم تنفيذها في المناطق المهمشة و البعيدة والنائية غير المخدومة بمراكز صحية ..و التي أصلا لا تحظى بأي رعاية.

وقرية أركمان ليست قرية نائية ، هي على طريق ساحلي.. نفس الطريق الذي يربط بين أقاليم الناظور وبركان ووجدة…تطل على البحر الأبيض المتوسط وبحيرة مارتشيكا..يحيط بها من كل جهاتها شواطئ وجبال، وهى منطقة عامرة ، غاصة بالسكان..!

فكيف لكل هذا أن يكتفي وفقط بالايام او القافلات الطبية الموسمية ؟

ما سيروي عطش أهالي القرية ومناطق كبدانة المجاورة هو مراكز ثابتة مجهزة بالكامل وتقوم بمهامها كاملة..

فبالإظافة إلى صعوبة رحلة البحث عن مياه نظيفة، ومدارس وشغل و..و..فرحلة العلاج أشد قسوة..

والقرية مريضة من بين مرضى يبحثون عن مكان علاج..وليس لقافلة …عابرة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح