ما علاقة ليلة القدر مع “البْخورْ” و”الجْنّون” و”الشياطين” عند المغاربة؟

ريف دييا:

 

تحذير: لإزالة أي سوء فهم مسبقاً، أذكركم أنني هنا في ورقتي بصدد تحليل هذه الظاهرة الثقافية الشعبية المتعلقة بـ ليلة القدر ولا أتناول هنا عظمة ليلة القدر ومكانتها الدينية المقدسة.

دائما مع اقتراب ليلة القدر أرى المغاربة يشترون “البْخور” لاستعمالها في هذه الليلة المباركة. ولما أسأل الباعة والمستهلكين ما هي فائدة هذه البخور؟ يكون الرد “فْرْمْضانْ كَيْكونو جْنونْ والشياطين مْشْدودينْ وفي ليلة سْبْعَوْعْشْرينْ كَيْطْلْقو وْالبْخور كَيْبْعْدوهُمْ عْلينا”.

وانطلاقا من هذا الجواب الشعبي ولغرض تحليل هذه الظاهرة، كان علي أولا أن أفكك وأحلل عناصر هذا الجواب عبر الأسئلة الآتية:

1- “جّْنون”؟

كيف توصل المغاربة إلى معرفة وتصنيف مختلف أنواع الجن؟ وكيف اطلعوا على العادات السوسيولوجية لمجتمعات الجن مثل الزواج، بحيث هناك “فْقْها” يشخصون حالات زواج بالإكراه مع مخلوقات جنية؟

وأتساءل بأي مختبرات وجامعات يُدرس علم الجن ؟

2- “الشياطين”؟

على أي أساس يميز المغاربة بين مختلف الشياطين؟ هل فيهم الذكر والأنثى والشيخ والشاب والطفل؟ وإذا كان كل مغربي يلعن شيطانه والمغاربة تلعن نفس الشيطان في نفس الثانية، هل هذا يعني أن هناك الملايين من الشياطين؟ وكيف توصل المغاربة إلى معرفة عقيدة الجن على أساس هناك جن مسلم وجن يهودي؟ هل لهم رسلهم الخاصة أم نفس رسلنا؟

3- “جّْنونْ وْالشياطين مْشْدودين فْرْمْضان”؟

انطلاقا من هذا المعتقد الشعبي السائد وبما أن الشيطان هو سبب كل الأعمال الإنسانية الخبيثة، وأن الجن هو سبب عدة أعراض عند البشر، فمنطقيا يجب أن نشهد قبل ليلة القدر السيناريوهات التالية:

أ- أولا: يجب أولاً أن تغيب النزاعات والسرقة والقتل والحسد والكذب والنميمة ويصبح المجتمع المغربي مجتمع ملائكياً، لأن الشياطين مسجونة جل أيام شهر رمضان باستثناء ليلة القدر. إذا لماذا نرى استمرار النزاعات والسرقة والمشاجرات والجرائم؟ هل الشياطين المغربية ت تتمتع بحصانة خاصة؟

ب- ثانياً: إذا كانوا “جّْنونْ مْشْدودينْ” يجب أن لا نجد أي حالة من المس قبل ليلة القدر! بل أكثر من هذا، يجب أن يستعيد (حسب تشخيص الرقاة) جميع المغاربة “المْقْيوسينْ بالجن” عافيتهم فجأة مع بداية رمضان و على مدى 27 يوماً بما أن جميع “جّْنون مْشْدودين”؟

4- “البْخور” ؟

إذا كانت البْخور تُبعد الجن في ليلة القدر فلماذا لا تبعدها طيلة السنة؟ وإذا كان هذا صحيحاً فما علينا إلا اختراع آلات عملاقة ناشرة لـِ البْخورْ ليلا ونهارا! وفي عوض الاستنجاد بالرقاة، لماذا لا تُستعمل البْخور فقط بما أنها تُبعد الجن في ليلة القدر؟

وكلما أرى في الأسواق بخور متعددة الأنواع، أتساءل في نفسي، في أي مختبر علمي دُرست وجُربت فيه آثار كل نوع من أنواع هذه البخور على كل أنواع الجن ؟ وما هو درجة تأثير هذه البخور على الجن، هل يُنومه أو يُخدره أو يقتله أو لأن الجن له حساسية من البْخور؟ وأتساءل كذلك من ينتج هذه البخور بالأطنان؟ وهل البخور مثل “الجّاوي” ،هو مادة كيماوية مركبة أو تأتي من مناجم سماوية؟ وهل دخان البخور الذي يطرد الجن ليست له آثار جانبية على صحة الإنسان؟.

أعزائي القراء،كانت تلك بعض الأسئلة للتأمل والتفكير وأترككم تحللون وتستنتجون ما شئتم بأنفسكم .

* خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح