تقريب أم تقليب الإدارة

بقلم : خالد استوتي
ليس بغريب أن يشعر المواطن المغربي لمجرد ولوجه الى اغلب مؤسسات الدولة أنه مقبل على الدخول في جدال أو صراع مجهولة نتائجه ، الى درجة ان يشعر ببعض التعرق والاضطراب وارتفاع دقات القلب ، والتلعثم في الاجابة على أول سؤال يسأله المسؤول أو الموظف :” آشنو بغيتي” . علما ان اسم المؤسسة كفيل بالإجابة على هذا السؤال ، إذ ليس من المعقول ان يذهب الانسان الى الطبيب من أجل طلب الرغيف ولا الى الشرطة من أجل العلاج ..
نعم ماذا تريد ؟ سؤال مشترك بين كل المؤسسات والإدارات يطرحه السائل في مرات الى درجة ان يكون كرد على التحية والسلام . وبدل حتى أن يدعو المواطن رجلا كان او امرأة الى الجلوس ، في احتمال ان يكون أو تكون مريضة أو فقيرة أو مفجوعة .. تبدو عليه أو عليها علامات الاعياء من شدة التنقل أو والتعب وصعود الدرج ، أو الارتباك من شدة الانتظار. انتظار مسؤول أو منتخب أو موظف ..
الشعور بالتعرق والضغط والارتباك قد يبرره البعض بالمثل العربي القائل : “لكل دخيل دهشة ” . والحال ان دهشتنا وارتباكنا دائم مادام التعامل لا يتغير، قد يصل حد الغضب والصراع حتى قبل الولوج الى المسؤول الذي غالبا ما تكون جدران غرفته عازلة للصوت ، كي لا يسمع الاصوات المرتفعة مع حارس الباب الذي يمنع الناس من الدخول و لقاء المسؤول . ولا يعرف إلا عبارة واحدة ووحيدة اسمها التعليمات .
وحتى عند التفكير بالتعامل بشكل اداري ومراسلة هذا المسؤول أو ذاك كتابة فإن المكلفين بالتوصل بالطلبات يحظر عليهم تقديم وصل الاستلام . كما اضحت تفعل بعض مؤسساتنا التي يفترض ان تكون مفتوحة في وجه مواطنيها . دون مبرر معقول ولا منطق مقبول ، اللهم تقديم شكاية الى المسؤول نفسه الذي تعذر الوصول اليه.. في استغفال واضح و استبلاد مكشوف. ليبقى المواطن بين نارين نار المطالب والحقوق المهدورة ونار الجفاء والتعامل اللا انساني
المهم ان المتضرر المسكين كحمار الترعة يحسب نفسه يمشي في طريق مستقيم والحقيقة أنه في دائرة مفرغة يدور فيها الى ما شاء الله
قال احد المسؤولين مرة قبل ان تدور عليه الدوائر ويأتيه اليوم الاسود الذي هز المدينة في صيف 2010 ، واعتقل فيه وتوبع هو وعدد من المسؤولين الامنين والمدنين : “ان المسؤول في مكتبه كمن هو في برج عال لا يسمع ولا يعرف ما يحدث في الخارج” وكأن صاحبنا يبرر وضع المسؤولين عامة ويجد لهم اعذارا. في حين أن مسؤولينا وما أكثرهم يحبون أن ينسبو الانجازات والنجاح لأنفسهم مثلهم في ذاك حال هامان وزير فرعون الذي نسب له بناء الصرح ، علما ان هامان لم يبن الصرح ولكن هي أعداد كبيرة من العبيد والصناع والحرفيين والجنود وغيرهم . الذين بنو صرح فرعون وبنو الاهرام والقصور وغيرها ونسبت لهامان وفرعون . وفي المقابل يتبرأ نفس المسؤولين من أخطائهم وسياساتهم الفاشلة وينسبونها الى الموظفين والعاملين متهمين اياهم بعدم الالتزام وعدم المسؤولية .. كمن ينسب الانتصارات لنفسه والهزائم لغيره.
حل الصيف وجاءت معه افواج المغتربين في ديار المهجر الذين لولا ما تبقى لهم من أهل ما جاءوا ولولا حب الأرض ماعادوا . ينفرهم في ذلك التعقيدات الإدارية والمساطر الروتينية الكثيرة التي تجعل من لحظات العطلة والاستجمام لحظات جحيم وعذاب ، ليحدثونا بين الحين والآخر عن العالم الآخر وانجازات الدول المضيفة وخدمات مؤسساتها وانضباط مسؤوليها وموظفيها لدرجة ان نحس ان في كلامهم نوعا من التحيز والمبالغة ، ونتمنى في قرارة انفسنا ان نهاجر بدل ان ينصلح حال اداراتنا ومؤسساتنا. أيام قليلة فقط يشعرون فيها بالغبن والحكرة واللامبالاة .. في الوقت الذي يعاني اكثر الناس على مدار السنة بكثير من الاجحاف والظلم ، لدرجة ان يتحاشى البعض الولوج الى مخفر الشرطة لتقديم شكاية ، او اعداد وثائق من اجل اعداد بطاقة التعريف الوطنية وما بالك التوجه الى العمالة أو الولاية او الوزارة ، في الوقت الذي ترتفع فيه عبارات تقريب الادارة وسياسة القرب والمقاربات التشاركية والمجالية وغيرها
وصار بعض المسؤولين يجعل لنفسه صفحة على المواقع الاجتماعية كالفايسبوك أو التويتر ..بل وحتى موقع الكتروني أو اكثر للتقرب أكثر من الناس ومعرفة مطالبهم وحاجياتهم والنظر في شكاياتهم وأمورهم

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح