النساء من ذوي الإعاقة والتحديات التي تواجهها في المجتمع

ريف ديا
احتفاء بمناسبة حلول اليوم العالمي للمراة 8 مارس أهنىء جميع نساء العالم بهذه المناسبة على تحديهن واصمودهن وتضحياتهن إلى جانب الرجل في هذا الوجود …
أولى الإسلام للمرأة اهتمامًا كبيرًا ونظر إليها نظرة تكريمٍ واعتزازٍ، فالمرأة في الإسلام هي الأم والأخت والابنة والعمة والخالة والجدة والزوجة شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، وقد كلَّفها الله مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وتربية الأبناء وتنشأتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم..إلا أن هذه المرأة ما زالت لم تنال حقوقها كاملة في المجتمع عامة والمجتمع العربي خاصة ، وهنا ساركز على المرأة في وضعية إعاقة لان مجموعة من الدراسات الحديثة التي قام بها مجموعة من الباحثين في هذا الشأن تؤكد ان هذه المرأة تواجهه مجموعة من التحديات وهي كما يلي :
-عدم وجود مراكز متخصصة في تأهيل النساء من ذوات الإعاقة وظيفيا، وعدم اتاحة الفرصة لهن بالتطوير والارتقاء بمستوى خبراتهن، فضلا عن الاعتماد على دور مؤسسات المجتمع المدني لاستكمال دور الوزارات في الاهتمام بالنساء من ذوات الإعاقة، وعدم ايمان واقتناع المجتمع العربي بعملهن، كل هذا بالإضافة إلى غياب الدور الإعلامي المتخصص في هذا المجال وعدم إعطائهن الحق بالتعبير عن وضعهن، وغياب التخطيط الاستراتيجي المقنن في هذا المجال .
وطالبت هذه الدراسات من إسناد وتمكين مهام عمل حقيقية لهن، وتوظيف ذوات الإعاقة وفقاً لمؤهلاتهن وقدراتهن، فضلا عن ضرورة تجهيز بيئة العمل المناسبة للقيام بمهامهن، كما طالبت بضرورة زيادة البرامج التدريبية توفير وسائل الدعم التكنولوجية للموظفين، وتطوير القانون الخاص بحقوق ذوات الإعاقة وتنزيله، و زيادة الوعي المجتمعي بقضية ذوات الاعاقة، واهتمام الإعلام بتسليط الضوء على ذوات الإعاقة، كل هذا بالإضافة إلى تنزيل و تطبيق اتفاقية حقوق ذوي الإعاقة على أرض الواقع.
*وضعية المرأة ذوي الإعاقة بالمغرب نموذجا:
ان وضعية المرأة المغربية من ذوات الإعاقة، لا تختلف كثيرا من أي وضع عربي او أجنبي، فهي لا تلقى الاهتمام المناسب والمطلوب، كما حددتها الأعراف والمواثيق الدولية في كافة المجالات الحياتية، فهي تعاني من العزلة الاجتماعية والتهميش وغياب دورها الاجتماعي، وغياب دورها في العمل والصحة والتربية حتى الرياضة فهي بعيدة جدا عنها، وان كانت هناك بعض المحاولات الفردية في كل هذه المجالات، كما ان المجتمع المغربي اليوم يقف عائقا امام طموحات المرأة من ذوات الإعاقة وعدم تمكينها لتصل الى أهدافها كما تريد او ترغب ولا سيما في مجال (التوظيف)، كما ان المرأة من ذوات الإعاقة تعاني من عدم تهيئة المكان المناسب لها في بيئية العمل وتجاهل تمكينها وظيفيا، وعدم تهيئة المرافق الخاصة بها، كما انها تعتبر موظفة هامشية في نطاق العمل، الفرق في معاملتها (مقارنة بالأخريات في نفس العمل)، وتعاني المرأة من ذوات الاعاقة ايضا من التهميش الوظيفي المقنن، وعدم تخصيص مواقف خاصة لها.
رغم كل هذه التحديات استطاعت المرأة من ذوات الإعاقة المغربية ان تثبت نفسها في مجال عملها بفضل مجهوداتها الشخصية وتحديها ومساندة بعض منظمات المجتمع المدني من جهة، ودور الاسرة والمجتمع كذلك .
*خطوات مهمة مقترحة لتأهيل وتمكين النساء :
ان هناك عددا من الخطوات المطلوبة لتأهيل وتمكين النساء من ذوات الإعاقة وظيفيا، ومنها افتتاح مراكز متخصصة لتدريب وتأهيل ذوات الإعاقة وظيفيا، ودعوة منظمات المجتمع المدني لتكثيف وتطوير برامجها وانشطتها المخصصة لذوات الإعاقة، والعمل على إزالة كل المعوقات التي تعترضهن للانخراط بالمجتمع، كما يجب تحفيز ذوات الإعاقة على العمل وفي كل المجالات، وتطبيق معايير التدرج الوظيفي الصحيح، فضلا عن مشاركتهن في برامج تدريبية لتنمية مهاراتهن الوظيفية، وكذلك اشراكهن في عملية اتخاذ
القرار .
ان توظيف ذوات الاعاقة في واقعنا اليومي، اصبح مطلبا حضاريا ومهما لعدة اعتبارات (الاجتماعية والنفسية و الصحية)، خاصة وان ذوات الاعاقة اليوم اصبح يشار اليهن بالتفوق والتميز في اغلب الميادين، ولهن بصمات واضحة ومتميزة في بناء المجتمع الحديث.
*نسبة العاملات من ذوات الإعاقة :
وحول نسبة العاملات من ذوات الإعاقة ، انه ليس هناك أي احصائيات دقيقة يمكن الاعتماد عليها في هذ المجال، او حتى بيانات أولية عن نسب عمل ذوات الإعاقة على المستوى الوطني فقط البحث الوطني للاعاقة لسنة 2004الذي أنجزته وزارة التضامن والمرأة والطفل والتنمية الاجتماعية انذاك الذي كشف ان معدل النشاط المهني لدى الأشخاص ذوو الإعاقة لا يتعدى 51,3%، كما أن معدل البطالة وسط هذه الشريحة يفوق 5 مرات المعدل الوطني في هذا المجال . فإذا كان التشغيل و العمل من أهم وسائل الإدماج الاجتماعي، و يعتبر وسيلة للمحافظة على كرامة و آدمية الإنسان، فإنه بالنسبة للشخص ذي الإعاقة منها المرأة أكثر، حيث ان المرأة ذات الإعاقة تشكل أكثر من نصف حالات الإعاقة في المجتمع، لكنها ـ وكما تفيد الدراسات ـ لا تتلقى ما تحتاج إليه من خدمات صحية وتعليمية واجتماعية وتأهيلية مقارنة بالذكور، بسبب عوامل اجتماعية عديدة، فالأمية تزداد في صفوف النساء ذوات الإعاقة، ولا يحصلن على الخدمات التأهيلية التعليمية المؤسسية الأساسية، وكذلك التعليم المتوسط والجامعي، وفرص العمل المناسبة، وبالتالي تنقص فرص دمجهن في المجتمع، كما تنقص نسبة مشاركتهن الفاعلة في حياة المجتمع، بل إن بعضهن يتعرض للتمييز والعنف والاعتداء ، كما تضعف فرصهن في الزواج، وتحقيق حياة كريمة أسوة ببقية أفراد المجتمع من غير ذوي الإعاقة.
وبينت العديد من الدراسات هذه الحقائق القاسية عن واقع المرأة ذات الإعاقة، لذلك سعت التشريعات الوطنية إلى تعزيز حقوقها، وتأمين حاجاتها المختلفة وخطت خطوات من أجل تحسين هذه الصورة، لكن العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، وضعف الوعي المجتمعي بذلك، وضعف الخطوات المتخذة على أرض الواقع كانت تحول دون ذلك.
بقلم بغداد اهواري فاعل جمعوي و حقوقي في مجال الإعاقة .