وجوه كثيرة كشفت عن حقيقتها و وضعت خطوتها الأولى في إتجاه مزبلة التاريخ

dohri

بقلم: عبد الكريم الدهري

شاركت في الكثير من الوقفات و المسيرات الإحتجاجية، في مدينة العروي و خارجها ،تعلمت منها الكثير،فتغيرت نظرتي إلى الحياة و عرفت قيمة الفرد في المجتمع و قوته في المطالبة بالتغيير .

فمن التلميذ الذي غادر ثانوية إبن الهيثم من أجل تحقيق نوع من الرفاهية الشخصية ،بالإشتعال في محل والده لغسل و تشحيم السيارات ،إلى ذاك الشاب الذي أصبح همه الوحيد هو أن يكون مواطنا صالحا يخدم الصالح العام بكل ما أوتي من قوة و إن كان على حساب فقدانه كل ما سيساهم في كسبه المزيد من المال الذي حلم به قبل إنقطاعه عن الدراسة.

في خضم مشاركاتي في الإحتجاجات التي كانت تحت راية حركة 20فبراير أو المعطلين و أيضا التي كانت من تنظيم الساكنة ،كنت أعتقد أن الجميع يفكرون بالطريقة التي أفكر بها أو أنهم يتقاسمون معي بعض الأهداف التي كنت أتمنى أن تصبح على أرض الواقع ،من قبيل محاربة الفساد و المفسدين و النهوض بمديتنا و وطننا الغالي ومحاربة كل ما يمكن أن يساهم في زعزعة أمنه و إستقراره.

يوما بعد يوم وجدت أني أشارك دون شعور في تحقيق أحلام أفراد بعينهم ، في مقابل تدمير أحلامي التي إسترخصتها من أجل المجتمع والصالح العام .

رغم كل هذا لم يدخلني اليأس بل إعتبرت الأمر تجارب جديدة في حياتي اليومية و واصلت مشوار خدمة الأخرين على حساب مصالحي الشخصية ،و إذا بي من جديد أجد أن الكثيرين من من تقاسمت معهم أبجديات الشارع من أجل محاربة الفساد ،لا يحاربون الفساد للقضاء عليه بل من أجل الإلتجاء إليه و الإلتحاق به لتحقيق المصالح الشخصية الضيقة و لتشويه ما تبقى من شعارات محاربة الفساد بمدينة العروي.

كانت لا تفارقني الشكوك في كثير من من يدعون النضال و كنت كثيرا ما أصارحهم و ألومهم على بعض تصرفاتهم و تجاوزاتهم اللامنطقية ،لم أعرف حقيقة إديولوجيات البعض و لم أعرف عمالة البعض،كنت أحتج وسط قطيع مهم من الذئاب و كنت ضمن قطيع من الماشية أو ربما كباقي الأشخاص الذين يحتجون بحسن النية و من أجل تحسين ظروف العيش و فضح الفساد .

قبل إنتهاء سنة 2014 بأيام قليلة ، و جدت أن من كنت أشك فيه كثيرا رغم أنه من حملة كتاب الله ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) و الذي كان يقيم الدنيا و لا يقعدها من كثرة الهتافات و الشعارات الكبيرة،قد وضع يده في يد من لا يختلف إثنان أنه من الذين دمروا مدينة العروي…

بعدها بأيام إكتشفت أن طالبا جامعيا يستعطف نفس الشخص ليمنحه موطئ قدم في لائحته القامدة..اللائحة لم تنتهي هنا فقط بل تفاجأت بشخص أخر كثيرا ما رأيته في الوقفات و المسيرات الإحتجاجية ،وهو ينشر اليوم صوره ويده في يد أحد أكبر الفاسدين و المخربين بالبلاد ،دون أي حياء يذكر و كأنه حقق إنجازا عظيم…

تتلاقف أفكاري الكثير من الصور و أتخيل أني في الأيام المقبلة ربما سأرى أخرين في حضن بعض المفسدين ،و أطرح على نفسي سؤالا حبذا لو يجيبوني عليه نفس الأشخاص الذين أشرت لهم هنا وهو :ألم تجدوا إلا هؤلاء لتتحالفوا معهم و لما كل ذلك (النضال)النفاق الذي كنتم تتعاملون به معنا؟

لا فرق اليوم بينكم و بينهم جميعكم في خندق واحد و تلك الصورة الجميلة التي رسمناها عن بعضكم مزقناها و رميناها في سلة المهملات كما سيأتي يوم ستكونون فيه في مزبلة التاريخ.

إني هنا لا أرفض أن يتحزب شباب مدينتي أو أن ينخرطوا في التغيير، بل أرفض بشكل قاطع أن يوهموني أنهم يحاربون الفساد و هم أول من يساندونه و يقفون معه ليتربع على عرش مدينتنا الغالية .

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح