الجمارك بالناظور . و قطاع النقل الدولي للبضائع في قبضة المصالح الشخصية: اجتماع مغلق يغيب عنه الجميع”
ريف ديا// أحمد علي المرس
اجتماعات في الظل…هل تُدار المصالح العامة تحت غطاء المصالح الشخصية؟ في خطوة غريبة ومثيرة للجدل، شهدت الإدارة الجهوية للجمارك بجهة الشرق يوم الخميس 21 نوفمبر اجتماعًا عُقد بناءً على طلب تقدمت به إحدى الجمعيات المحسوبة على ممتهني نقل البضائع غير المرتفقة عبر السيارات النفعية المرقمة بالخارج. ووفق طلب مسبق تم تقديمه، من أجل ترتيب هذا الاجتماع مع المسؤولين بالجمارك، عُقد الاجتماع بحضور المدير الجهوي، المدير الإقليمي، رئيس الشعيبة بالناظور، والأمر بالصرف بأمرية الصرف بالميناء التجاري، إضافة إلى حضور كل من رئيس زمرة مراقبة المسافرين و رئيس زمرة الحراسة و وسم البضائع بميناء الناظور بني أنصار. هذا الاجتماع الذي تم الترتيب له في غموض تام، أثار عاصفة من التساؤلات حول شفافيته وهدفه، خاصة مع غياب التمثيل الحقيقي لكافة الفاعلين في القطاع، الذين من حقهم أن يكونوا جزءًا من هذا النقاش المصيري.
أين الشفافية؟ وأين العدالة؟ منذ الإعلان عن هذا الاجتماع وحتى انعقاده، لم تظهر أي إشارة تدل على نية القائمين عليه في جعله شفافًا أو عامًا. فلا إعلان في وسائل الإعلام، ولا منشورات تدعو الفاعلين الحقيقيين في مجال نقل البضائع غير المرتفقة للمشاركة. هذا التعتيم المقصود يعكس سياسة إقصاء متعمدة، هدفها واضح: خدمة مصالح فئة محددة على حساب الجميع، في ضرب صارخ لمبادئ الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص. فكيف يمكن لأي جهة أن تدعي خدمة القطاع، وهي تحجب عنه معلومات أساسية وتقصي أصحابه الشرعيين الحقيقيين؟
جمعيات تحت المجهر: هل هي غطاء للتلاعب؟ إن الجمعية التي تقدمت بهذا الطلب لا تملك أي سجل معروف لدى معظم الفاعلين الحقيقيين في القطاع. بل إن العديد من أعضائها، بحسب معطيات مؤكدة ومحاضر مثبتة ومسجلة بأرشيف الجمارك، كانوا حتى وقت قريب غارقين في أنشطة غير قانونية، بدءًا من التهريب عبر المعابر الحدودية باستخدام سيارات معدة لذلك بمخابئ سرية، وصولًا إلى ملفات جمركية تثبت تورطهم في مخالفات خطيرة تتنافى مع القانون. وهل فعلًا هذه الجمعيات تستوفي الشروط القانونية؟ مثل التقرير الأدبي، التقرير المالي، والاجتماعات وأنشطة هذه الجمعيات. فهل يمكن لمثل هذه الجمعية أن تدعي تمثيل القطاع؟ أم أنها مجرد غطاء قانوني تُخفي وراءه مصالح شخصية تخدم أهدافها الضيقة على حساب العاملين النزهاء؟
قرارات أحادية: لصالح من؟
إن اتخاذ قرارات تخص قطاعًا حساسًا كالنقل الدولي للبضائع من خلال اجتماعات مغلقة ودون إشراك جميع الأطراف ليس سوى استكمال لمسلسل الفوضى والإقصاء. هذه القرارات الأحادية تزيد من الفرقة والانقسام بين أبناء الميدان الواحد، وتكرّس سيطرة فئة على حساب أخرى، مما يُضر بالصالح العام ويُهدد استقرار قطاع يُعتبر شريان حياة لاقتصاد الجهة الشرقية. فمن أعطاهم الحق في تمثيل الجميع؟ ومن سمح لهم بتجاهل العاملين الذين يعانون يوميًا من اختلالات هذا القطاع؟
رسالة للمسؤولين: أين أنتم؟
إن ما يحدث هو مهزلة لا يمكن السكوت عنها. المسؤولية تقع على عاتق الإدارة الجهوية للجمارك والسلطات المحلية، وعلى رأسها السيد عامل صاحب الجلالة على إقليم الناظور، لضمان الشفافية والتوازن في التعامل مع كافة الفاعلين. كان الأجدر أن يُعلن عن هذا الاجتماع مسبقًا، وأن يُتاح المجال لجميع الشركات والمقاولات للمشاركة، مع توفير محاضر رسمية تُظهر النقاط المطروحة والنتائج المتفق عليها. ما نشهده اليوم ليس سوى ضرب لمبادئ التشاركية الديمقراطية التي ينص عليها دستور المملكة المغربية وإمعان في التفريق بين العاملين في القطاع.
إقصاء لا يخدم أحدًا!
لم يتم إبلاغ معظم الشركات والمقاولات الصغرى والمتوسطة لنقل البضائع بهذا الاجتماع. وإلى حد كتابة هذه السطور لم يتم الإفراج عن نتائج الاجتماع. هذه السياسة الإقصائية، التي تهدف إلى تفكيك وحدة العاملين في القطاع، لن تخدم أحدًا في النهاية. فبدلًا من العمل على حل مشاكل المهنيين وتحسين ظروف عملهم، يتم الانفراد باتخاذ قرارات تُعزز الانقسام وتُرسخ مصالح شخصية ضيقة. إذا كان الهدف حقًا هو تحسين الوضع، فلماذا لا يتم إشراك الجميع؟ لماذا يتم تحييد المقاولات والشركات الصغيرة والمتوسطة التي تُعتبر عمودًا فقريًا لهذا القطاع؟
خاتمة: هل من صحوة جماعية؟
إن هذه الواقعة ليست سوى جرس إنذار جديد يُحذر من الانحراف الخطير الذي يعيشه القطاع. على كل الفاعلين في مجال نقل البضائع أن يدركوا أن قوتهم تكمن في وحدتهم، وأن يتصدوا لهذه الممارسات المشبوهة التي لا تخدم سوى حفنة من الانتهازيين. المسؤولية الآن جماعية: إما التحرك لفرض الشفافية والمحاسبة، أو القبول باستمرار التلاعب بمصير قطاع حيوي يُشكل شريانًا أساسيًا للاقتصاد المحلي