أموال الدعم المدرسي:أربع سنوات حبسًا نافذًا لرئيسة وأمينة مالها بتهم اختلاس أموال عمومية.

ريف ديا /// أحمد علي المرس

في ظل الظروف الحالية التي تشهد فيها المجتمعات اهتمامًا متزايدًا بالعمل الجمعوي والمجتمع المدني، بات البعض يستغل هذه المبادرات التي أُنشئت لتحقيق الصالح العام وتحويلها إلى أدوات تخدم مصالحهم الشخصية. الجمعيات والمنظمات، بما في ذلك تلك التي تركز على الحقوق الإنسانية وجمع التبرعات، أصبحت في بعض الأحيان تُدار بعقلية النصب والاحتيال بدل الالتزام برسالتها النبيلة.
لقد أظهرت القضايا المتراكمة أمام المحاكم، والتي تم البت في العديد منها، الوجه المظلم لبعض مسؤولي الجمعيات. العديد من رؤساء الجمعيات وأعضائها وجدوا أنفسهم في مواجهة اتهامات خطيرة، تتعلق بالاختلاس وسوء التدبير المالي، وتم الحكم عليهم بالحبس والغرامات المالية الثقيلة، إضافة إلى إلزامهم بإرجاع الأموال المختلسة وتعويض الأطراف المتضررة. خير دليل على ذلك هو قضية “شبكة اختلاس أموال الدعم المدرسي”، حيث أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بمدينة فاس أحكامها في حق المتهمين الستة، الذين توزعت عقوباتهم على 12 سنة حبسًا، تراوحت بين أربع سنوات حبسا نافذة لكل من الرئيسة السابقة لمؤسسة “أمان للتنمية المستدامة” وأمينة المال، وسنتين وسنة نافذة لبقية المتهمين، إلى جانب غرامات مالية متفاوتة.
القضية التي باتت تُعرف بملف “شبكة اختلاس أموال الدعم المدرسي” بدأت منذ حوالي سنة، حين جرى توقيف المتهمين في عمليات أمنية متزامنة بكل من فاس وصفرو والرباط، بتهم جنائية ثقيلة شملت “التزوير في محررات عرفية واستعمالها، اختلاس وتبديد أموال عمومية، تلقي فائدة من مؤسسة تحت إدارتهم، والمشاركة في اختلاس أموال عمومية”.
تفاصيل القضية تكشفت عندما تورط المتهمون في اختلاس دعم مالي قدمته مؤسسات عمومية، أبرزها “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، الذي كان مخصصًا لتقديم الدعم المدرسي للتلاميذ المتواجدين بالمناطق القروية في إطار محاربة الهدر المدرسي. بدلاً من توجيه هذه الموارد لتحقيق أهدافها النبيلة، قام المتهمون بتحويلها إلى مصالحهم الشخصية، ما أدى إلى فتح تحقيقات أمنية واسعة أشرفت عليها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس .
في ضوء هذه الفضائح، تبرز الحاجة الماسة لتفعيل آليات رقابية صارمة على تدبير الموارد المالية للجمعيات. من الضروري تدخل الأجهزة المختصة، مثل مكتب التدقيق “LODIT”، لتعزيز الشفافية في تسيير الجمعيات، خصوصًا تلك التي ترتبط بالمدارس وجمعيات الآباء والأمهات. إن إصلاح هذا القطاع يتطلب تفعيل قوانين صارمة، ومتابعة دقيقة لكل الأنشطة المالية للجمعيات لضمان أن تصل الموارد إلى المستفيدين الحقيقيين، وألا تصبح الجمعيات منصة لأطماع شخصية تقضي على الغاية الأسمى للعمل الجمعوي.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح