الناظور…بين خط الطيران المفتوح وآفاق التشغيل المغلقة.

ريف ديا ///// أحمد علي المرس

افتتاح خط الطيران الناظور-الرباط عندما تُعلَن الضروريات إنجازات!!! لا شيء يثير السخرية أكثر من احتفالنا بما هو من صميم الضروريات وكأنه فتح عظيم، افتتاح خط جوي بين الناظور والرباط، تلك الرحلة التي يفترض أن تكون إحدى بديهيات البنية التحتية لأي مدينة بحجم وتاريخ الناظور، أصبح بين عشية وضحاها إنجازًا جللًا يهرول إليه الأعيان والمرشحون لإلقاء التحية، وربما تبادل الصور التذكارية، في لحظة تختزل الكثير من العبث في هذه المنطقة المنكوبة.
أيُعقل أن يعتبر هذا الخط الجوي انتصارًا للمنطقة؟ أليس هذا هو الحد الأدنى من الخدمات التي يفترض أن توفر لتحسين جودة الحياة وربط الأقاليم بالعاصمة؟ في عالم يتسابق فيه الآخرون نحو التصنيع، الابتكار، وخلق فرص الشغل، نظل نحن نحتفل بأشياء لا يمكن وصفها إلا بأنها محاولة يائسة للقول “نحن هنا!”
لكن، ماذا عن الناظور نفسها؟ ماذا عن المدينة التي كانت يومًا حلم كل مغربي، مدينة الازدهار، الحركية، والفرص الواعدة؟ ماذا حدث لها حتى تتحول إلى مرآة تعكس مآسي البطالة التي تجاوزت حدود المعقول، لتصل إلى نسب تتجاوز 78%؟ هذه النسبة المخيفة ليست مجرد رقم عابر؛ إنها شهادة حية على فشل منظومة بأكملها، منظومة أهملت التصنيع، أغفلت إنشاء المعامل، وتركت الشباب بين مطرقة البطالة وسندان الهجرة.
كيف يمكن للناظور أن تنهض إذا كانت كل مواردها تتركز في يد قلة تكرس السياسة اقتصاد الريع، بينما الأغلبية الساحقة من أبنائها ترزح تحت وطأة التهميش؟ اقتصاد الريع والاحتكار أصبحا عنوان المرحلة، ومعهما تم دفن طموحات شباب المنطقة في رمال الإهمال، نحن بحاجة إلى منشآت صناعية، مصانع تُشغل الأيدي العاملة، فرص حقيقية تقود إلى حياة كريمة، وليس مجرد رحلة جوية تُربط فيها الناظور بالرباط دون أن تُربط آمال السكان بواقع أفضل.
عندما نغرق في الاحتفاء بهذا “الإنجاز”، نتناسى أن المنطقة بحاجة إلى نهضة شاملة، إلى إعادة صياغة مفهوم التنمية بعيدًا عن الشعارات الفارغة. لا يكفي أن تفتتح خط طيران، بل يجب أن تفتح آفاقًا جديدة للتشغيل، لرفع كفاءة البنية التحتية الحقيقية التي تصنع فارقًا في حياة الناس.
في النهاية، يبدو أن الحاضر لا يليق بعراقة الناظور، وأن المستقبل ما زال عالقًا بين ركام وعود المسؤولين وهوس الاحتفال بالمظاهر، أما المواطن العادي، فله أن يسخر بمرارة، قائلاً: “لقد كانت مدينتنا جنةً ضاعت في زحمة الطائرات التي لا تُقلّ سوى الأحلام المجهضة!”

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح