الجهة الشرقية…كيف أثرت أزمة “عمران وجدة” على الثقة في المؤسسات؟

ريف ديا//// أحمد علي المرس

في ظل تسليط الضوء على قضايا الفساد المالي والإداري التي تهز بعض المؤسسات العمومية وشبه العمومية، تبرز قضية “شركة العمران – جهة الشرق” كواحدة من النماذج الصارخة لتبديد المال العام وضعف آليات المراقبة…وحسب المصادر التي توصلت بها جريدة “ريف ديا”، فإن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف لجرائم الاموال بفاس أمر بوضع ” زكريا لزرق” المدير الجهوي السابق للشركة رهن الحراسة النظرية، إلى جانب أربعة مسؤولين وموظفين آخرين، بالإضافة إلى صاحبي شركتين متخصصتين في الأشغال والبناء، بتهم تتعلق بتبديد واختلاس أموال عمومية، وأفادت مصادر مطلعة لموقع “ريف ديا” أن الشركة الجهوية شهدت في عهد المدير الجهوي السابق تراكمات مالية خطيرة، حيث تجاوزت ديونها ملياري درهم، مما أدى إلى وضعية مالية خانقة، وكشفت المصادر أن الاختلالات لم تكن محصورة في التسيير المالي فحسب، بل طالت عمليات إدارية وتجارية، مما أثر سلبًا على استكمال المشاريع المتعاقد عليها، وبحسب المعلومات التي أوردتها جريدة “ريف ديا”، في المقال سابق فقد صدر قرار بمنع المدير الجهوي السابق من مغادرة التراب الوطني، في حين تم استدعاء رؤساء أقسام آخرين بالشركة للاستماع إليهم في إطار التحقيقات الجارية.
أوضحت مصادر مطلعة للجريدة أن تقرير الافتحاص الذي أجرته الإدارة الجماعية للمجموعة في مارس 2024 كشف عن أوجه عديدة للفساد المالي والإداري.
وحسب التقرير، فإن المدير الجهوي السابق كان قد أقدم على صرف أموال طائلة في مشاريع غير مربحة وغير ذات جدوى اقتصادية، مما تسبب في تراكم الديون على الشركة.
وأشارت مصادر لموقع “ريف ديا” إلى أن هذه الوضعية أجبرت الإدارة المركزية للمجموعة على التدخل العاجل لإنقاذ الشركة من الإفلاس، من خلال ضخ حوالي 400 مليون درهم لتسديد جزء من الديون المتراكمة وإعادة تشغيل الأوراش المتوقفة.
رغم الجهود المبذولة من طرف الإدارة المركزية لإنقاذ “عمران الشرق”، إلا أن الحلول التي تم اعتمادها تبدو مؤقتة أكثر من كونها إصلاحًا جذريًا، الإدارة العامة وضعت خطة تشمل تعيين مدير عام جديد، إلى جانب إعداد منصة رقمية لتسويق المشاريع واستقطاب مستثمرين جدد، ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح ، هل ستعالج هذه الإجراءات جوهر المشكلة أم ستظل مجرد محاولات للترقيع؟ القضية الأخيرة التي فجرتها الصحافة تسلط الضوء على الحاجة إلى إصلاح شامل للنظام الإداري والمالي داخل المؤسسات المفوضة، فربط المسؤولية بالمحاسبة لا ينبغي أن يظل مجرد شعار، بل يجب أن يتحول إلى مبدأ عملي يتجلى في كل مراحل التسيير والتنفيذ.
من هذا المنطلق، يجب اعتماد آليات رقابة أكثر صرامة، بما في ذلك ، تتبع يومي للمعاملات المالية والإدارية عبر لوحات قيادة مركزية تُتيح رقابة مستمرة، تعزيز الشفافية من خلال نشر تقارير مالية وإدارية دورية تُطلع الرأي العام على أوجه صرف المال العام، محاسبة شاملة تمتد إلى جميع المستويات الإدارية، مع عدم التهاون في معاقبة كل من يثبت تورطه في الفساد، فإن تجاوز الاختلالات التي شهدتها “عمران الشرق” لن يتحقق إلا بإعادة هيكلة جذرية تشمل تعزيز الرقابة والمحاسبة في جميع المؤسسات العمومية وشبه العمومية، إن القضية الحالية ليست مجرد حادثة معزولة، بل هي جرس إنذار يُحتم إعادة النظر في نظام التفويض وآليات تدبير المال العام لضمان حماية مصالح المواطنين، وتحقيق التنمية المنشودة بشفافية وعدالة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح