التقييم التربوي… أي مقاربة لتحسين النتائج الدراسية

ريف ديا /// احمد علي المرس

في إطار الجهود المبذولة للارتقاء بالمنظومة التعليمية وتعزيز الأداء الدراسي للتلاميذ، تنظم فيدرالية جمعيات الأمهات والآباء فرع الناظور بشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة يوماً دراسياً حول موضوع “التقييم التربوي…أي مقاربة لتحسين النتائج الدراسية؟”، وذلك في سياق وطني حافل بالإصلاحات التربوية الرامية إلى تعزيز جودة التعليم وتحقيق مخرجات معرفية متقدمة، انسجامًا مع توجهات وزارة التربية الوطنية وأهداف النموذج التنموي الجديد للمملكة. ويندرج تنظيم هذا اليوم الدراسي ضمن سلسلة من المبادرات الرامية إلى إشراك مختلف الفاعلين في الحقل التربوي لمناقشة الآليات الناجعة لتحسين تقييم التحصيل الدراسي، ومدى تأثيره المباشر على جودة التعلم وكفاءة المخرجات التعليمية.
لا يمكن الحديث عن تطوير التعليم دون مقاربة علمية وعملية لمنظومة التقييم التربوي، حيث يُعد التقييم من الركائز الأساسية في العملية التعليمية، كونه أداة قياس لمستوى تحصيل التلاميذ، ومعيارًا لتحديد نقاط القوة والضعف، مما يسمح بإعادة توجيه المسار البيداغوجي وفق أسس علمية واضحة. ومع تزايد التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية، أصبح من الضروري البحث عن مقاربات حديثة تستند إلى معايير الجودة والإنصاف، بعيدًا عن النمط التقليدي الذي يركز فقط على الامتحانات النهائية، دون الأخذ بعين الاعتبار مسار التعلم ككل. فالرهان اليوم هو تبني أساليب تقييم مرنة وديناميكية تُحفز الإبداع، وتُراعي الفروقات الفردية بين المتعلمين.
سيشكل هذا اللقاء مناسبة للنقاش والتبادل بين مختلف الفاعلين التربويين، من أساتذة وباحثين وأطر إدارية، بالإضافة إلى ممثلي جمعيات الأمهات والآباء، قصد البحث في سبل تطوير آليات التقييم التربوي، بما يضمن تحليل واقع التقييم التربوي في المؤسسات التعليمية، والوقوف عند أهم التحديات التي تواجهه، واستعراض التجارب الناجحة في مجال التقييم، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، واقتراح حلول عملية ومقاربات بيداغوجية مبتكرة تهدف إلى تحسين مردودية التلاميذ، وتعزيز ثقافة التقييم المستمر القائم على أسس علمية تربط بين التعلم والاكتساب المعرفي، وتسليط الضوء على دور أولياء الأمور في دعم أبنائهم خلال مسيرتهم التعليمية، باعتبارهم شركاء أساسيين في العملية التربوية.
ولا يخفى على أحد أن نظام التقييم الحالي لا يزال يواجه مجموعة من الإشكاليات، أبرزها الاعتماد على الامتحانات الموحدة كأداة رئيسية للقياس، مما قد يُفرز نتائج لا تعكس بدقة المستوى الحقيقي للتلاميذ. لذلك، أصبح لزامًا اعتماد مقاربة شمولية للتقييم تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد المختلفة للعملية التعليمية، بما في ذلك التقييم التكويني، الذي يهدف إلى تحسين التعلمات بشكل مستمر. كما أن نجاح أي إصلاح تعليمي يقتضي توافر إرادة جماعية تدمج جميع المتدخلين، بدءًا من الوزارة الوصية، مرورًا بالأطر التربوية والإدارية، وصولًا إلى الأسر التي تلعب دورًا جوهريًا في دعم تمدرس أبنائها.
ونحن في المنظمة المغربية للملكيين عبر العالم نُثمّن هذه المجهودات، ونعتبر أن مثل هذه المبادرات تشكل لبنة أساسية في مسار إصلاح التعليم، بصفتي المنسق الجهوي وعضو المكتب التنفيذي للمنظمة، أؤكد دعمنا الكامل لكل الجهود الرامية إلى تحسين جودة التعليم والتقييم التربوي، لما له من أثر مباشر على مستقبل الأجيال القادمة. إن التعليم هو العمود الفقري لأي نهضة تنموية، ومن هنا وجب على الجميع، كل من موقعه، العمل على تطويره والرفع من مردوديته لتحقيق الرؤية الملكية السامية في جعل التعليم قاطرة حقيقية للتنمية المستدامة.
وبهذا، تدعو فيدرالية جمعيات الأمهات والآباء فرع الناظور والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة جميع المهتمين بالشأن التربوي، من أساتذة ومفتشين وباحثين وممثلي المجتمع المدني، إلى الحضور والمشاركة الفعالة في هذا اليوم الدراسي، الذي سيمثل فرصة ذهبية لطرح الأفكار وتقاسم التجارب، بهدف بلورة توصيات عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

إن الرهان على التعليم كرافعة أساسية للتنمية يقتضي تطوير منظومة التقييم التربوي، لأن تحسين جودة التعليم يبدأ أولًا وقبل كل شيء بقياس أثره بشكل علمي ومنهجي. فهل نملك اليوم القدرة على تجاوز الإشكالات التقليدية وابتكار حلول جديدة أكثر نجاعة؟ الإجابة ستكون حاضرة خلال هذا اللقاء العلمي الذي يعد محطة أساسية في مسار الإصلاح التعليمي ببلادنا.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح