مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط…بين الوعود الفضفاضة والغموض المريب.

ريف ديــا: أحمد علي المرس

في ظل ما يعرفه إقليم الناظور من دينامية مشاريع استراتيجية، يبقى مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط أحد أكبر الأوراش الوطنية المنتظرة، وأحد أعقدها من حيث الغموض والضبابية التي تكتنفه. مشروع وُصف بأنه “قاطرة تنموية” للجهة الشرقية، لكنه تحوّل، للأسف، إلى نقطة استفهام كبرى تتكاثر حولها علامات الشك والارتياب.
إبريل 2023… أولى إشارات التعتيم
كنت شاهدًا شخصيًا في إحدى أنشطة الغرفة الصناعية والتجارة بالناظور سنة 2023، حيث حضر ممثل المركب المينائي السيد “عزيز ريحي”. يومها، وبعد جهد جهيد، حصلت على تصريح صحفي لم يتجاوز الدقيقة والنصف، ولم يُمنح إلا بعد مكالمة هاتفية أجراها المسؤول لأخذ “الإذن” من جهة مجهولة، وكأننا أمام مؤسسة سرية لا أمام مشروع عمومي يُنجز بأموال دافعي الضرائب.
أبريل 2025… الصدمة تتكرر
بعد مرور سنتين، وتحديدًا يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025، احتضنت مدينة المهن والكفاءات بالناظور لقاءً نظمته منصة PortNet، حضره عدد من الفاعلين الاقتصاديين، أرباب الشركات، وممثلي وسائل الإعلام. وكان حضور ممثل المركب المينائي مجددًا مناسبة لطرح الأسئلة والاطلاع على تقدم المشروع، الذي كان من المفترض انتهاء الأعمال به في متم سنة 2022، على أن يبدأ تشغيله سنة 2024. ويُعتبر المشروع من ضمن المشاريع الملكية التي انطلقت بها الأشغال منذ ما يقارب إحدى عشرة سنة، ولا يزال لم يرَ النور بعد.
لكن، ويا للأسف، صُدم الحضور مجددًا بطريقة تواصل السيد عزيز ريحي، حيث تهرّب من الإجابة على الأسئلة الجوهرية، وامتنع أحيانًا عن الرد، وقدم إجابات غامضة لا ترقى إلى مستوى الحدث ولا لحجم المشروع. زملاؤنا الصحفيون، وممثلو شركات دولية في مجال التصدير والاستيراد، وقفوا مشدوهين أمام هذا الصمت المريب وغياب المعلومات الدقيقة.
حق المواطن في المعلومة… مغيّب عمدًا؟ أليس من حق المواطن الناظوري، والمغربي عمومًا، أن يعرف إلى أين وصلت الأشغال؟ أليس من واجب القائمين على المشروع تقديم توضيحات للرأي العام، خاصة وأن الميناء يُنجز بأموال ضخمة من ميزانية الدولة؟ لماذا هذا التعتيم؟ ولماذا هذا السلوك الإداري المتعالي والمتحفظ؟ هل نحن أمام مشروع استثماري وطني؟ أم أمام صندوق أسود يُدار في الخفاء؟
رسالة مفتوحة إلى السيد عامل إقليم الناظور. من منطلق المواطنة والغيرة على الصالح العام، نطالب السيد عامل إقليم الناظور بفتح تحقيق إداري مستعجل، ودعوة لجنة من المفتشية العامة بوزارة الداخلية للحضور والوقوف ميدانيًا على حقيقة ما يجري داخل مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط، وتقديم تقرير مفصل للرأي العام حول التأخر المسجل، وملابسات التسيير، والجهات المتحكمة فعليًا في تدفق المعلومات والقرارات.
الختام… وما خفي أعظم!!!! فلسنا هنا بصدد جلد الأشخاص، بل نمارس دورنا كصحافة مسؤولة تبحث عن الحقيقة وتنتصر للشفافية. والواقع يفرض علينا أن نفتح هذا الملف على مصراعيه، وننبش في تفاصيله، خصوصًا أمام هذا الكمّ من الغموض والتأخر. وسيتم قريبًا نشر تحقيق صحفي استقصائي موسّع حول مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط، يسلط الضوء على مكامن الخلل، ويكشف خلفيات الصمت الممنهج، ويستند إلى شهادات حصرية ومعطيات دقيقة يُجرى جمعها بعناية مهنية عالية.

ترقبوا الحقيقة… فزمن الصمت قد ولّى.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح