الفصائل الجامعية في المغرب…عبء على الجامعة وفضيحة في حق الوطن

.

ريف ديا /// احمد علي المرس

الفصائل الجامعية في المغرب: عبء على الجامعة وفضيحة في حق الوطن. في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المنادية بتحديث منظومة التعليم العالي في المغرب، وتنميتها لتكون فضاءً للعلم والمعرفة والإبداع، ما تزال الجامعات المغربية ترزح تحت وطأة ظاهرة الفصائل الطلابية، التي تحوّلت من أدوات نضال طلابي في زمن ما إلى آلات عرقلة وتعطيل وتخريب. أكثر من أربعة عقود مرت على نشأة هذه الفصائل، فلماذا لا نجد بين أيدينا اليوم أي إنجاز يذكر لها؟ لا برامج حقيقية، لا نتائج ملموسة، لا مساهمات بنّاءة في تطوير الحياة الجامعية. فقط شعارات متعفنة موروثة عن يسار راديكالي متحجر، لا يرى في الوطن سوى مادة للسب والشتم والركوب السياسي الأرعن. أين الدولة من كل هذا؟ أين وزارة التعليم العالي من الجامعات التي تحوّلت إلى مسارح للعنف وتصفية الحسابات الأيديولوجية؟ أين الإدارات الجامعية التي تلتزم الصمت، كأنها ليست طرفًا في معركة الدفاع عن أمن الحرم الجامعي وقدسية فضاءاته؟ وأين الأجهزة الأمنية، التي يُفترض أن تكون درعًا واقيًا أمام كل ما يهدد استقرار المؤسسات الجامعية، والتي كثيرًا ما تتعامل إما بتراخٍ مثير للريبة أو بتدخلات انتقائية لا تعالج أصل الداء؟ الجامعة ليست ساحة لمعركة وهمية بين “قاعديين” و”إسلاميين” و”عدليين” وغيرهم. الجامعة فضاء للعلم، والطالب ليس ميليشيا ولا مشروع زعيم سياسي، بل هو باحث عن المعرفة، ومواطن في طور التكوين. لكن واقع الحال يخبرنا بعكس ذلك. اليوم، هناك من الطلبة من أصابهم داء السُّعار السياسي، واستباحوا العنف في ساحات الكليات. انتقلنا من زمن الجامعيات المثقفة، القوية، صاحبة الرسالة الفكرية في ثمانينات القرن الماضي، إلى زمن الانحطاط، حيث أصبحت بعض التنظيمات الطلابية أدوات قمع للطلبة المخالفين لهم في الرأي. ماذا قدمت هذه الفصائل للجامعة؟ الجواب واضح: لا شيء سوى الفوضى والارتجال. متى سنرى برنامجًا واضحًا من أحد هذه الفصائل؟ متى سنرى اقتراحًا إصلاحيًا حقيقيًا يصدر عنهم؟ متى نراهم يشاركون في صياغة مستقبل التعليم بدل أن يكونوا عالة على الجامعة والمجتمع؟ لا نرى منهم إلا المزايدات الفارغة والتشدد الإيديولوجي ورفض الآخر. لا أحد يحاسبهم، ولا أحد يضع حدًّا لعبثهم. وكأن الفوضى أصبحت قدر الجامعة المغربية، وكأن العنف بات شرطًا من شروط الانتماء إليها. إن المسؤولية اليوم تقع على عاتق الدولة بكل مؤسساتها. يجب على وزارة التعليم العالي أن تتحرك وتستعيد سلطتها على المؤسسات الجامعية. يجب على الإدارات الجامعية أن تضع حدًا لهذا العبث المستشري، وأن تستعيد هيبة الحرم الجامعي. ويجب على الأجهزة الأمنية أن تقوم بدورها في حماية الطلبة، لا أن تراقب من بعيد وكأن الأمر لا يعنيها. نريد جامعات مغربية حديثة، تنتج المعرفة وتخلق القيمة وتُكوّن النخب. لا نريد حلبات صراع تؤوي بقايا اليسار الراديكالي، المتعفن، المهترئ، المعادي للوطن، الذي فقد صلته بالواقع وبالزمن. في الختام، ما نراه اليوم هو خيانة لحلم أجيال ضحّت من أجل جامعة مغربية راقية، وهو تقاعس مفضوح من مؤسسات الدولة، وجريمة فكرية تُرتكب باسم “الحرية السياسية” و”العمل الطلابي”. فإلى متى ستظل جامعاتنا رهينة لفصائل لم تقدّم سوى الانقسام والفشل؟

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح