من الابتدائي إلى الباكالوريا.. بني شيكر الناظور تعيش ديداكتيك الترقيع.

تم إرسال رسالتك
ريف ديا : احمد علي المرس
الناظور بين بيداغوجية الترقيع وديداكتيك العبث، أيها الوزير الذي يُفترض فيه أن يعلم، هل تدري أنّ الدخول المدرسي في الناظور قد تحوّل إلى مهزلة تربوية تُدرّس نفسها بنفسها، دون حاجة إلى أستاذ أو برنامج؟ هل تعلم – وأنت الغارق في شعارات الرؤية الاستراتيجية والميثاق الوطني للتربية والتكوين – أنّ شهر أكتوبر على الأبواب وأبناؤنا في المدرسة الابتدائية “بوان كوم” .com ببني شيكر – إقليم الناظور، لم تطأ أقدامهم بعد عتبات القسم الخامس ابتدائي، لأن وزارتك الموقرة لم تستطع أن تُوفّر مجرد أستاذ أو أستاذة؟ هكذا بكل بساطة، تُنسف أبجديات التعلم والزمن المدرسي، ويُلقى بمفهوم العدالة المجالية في سلة مهملات الإدارة التعليمية. والذنب؟ أن هؤلاء الأطفال لا يحملون أسماء وازنة ولا جوازات سفر أجنبية، بل هم مجرد أبناء البسطاء الذين شاء قدرهم أن يعلقوا في شبكة منظومة تعليمية للمديرية الإقليمة للتربية والتعليم عاجزة حتى عن ترتيب جدول حصص!
أسي الوزير، لا تظنن أن الكارثة محصورة في ابتدائية بني شيكر. إنّ ثانوية بني شيكر التأهيلية نفسها تعيش خصاصًا حادًا في أساتذة الفلسفة والتربية البدنية وغيرهما من المواد الأساسية. فماذا تفعل وزارتك؟ تلجأ إلى “بيداغوجية الترقيع” تجلب أستاذًا للغة العربية وتكلفه بتدريس الفلسفة، أو تُحضر معلّمًا للابتدائي وتزجّ به في أقسام الباكالوريا. أي منطق ديداكتيكي هذا؟ وأي تصور بيداغوجي يقبل أن يُكلّف من لم يتدرب على مهارات التفكير النقدي والتحليل الفلسفي أن يُلقّن تلامذة الأولى و الثانية باكالوريا دروسًا في المنطق أو الأخلاق؟
إنكم – يا معالي الوزير – تمارسون نوعًا من الهندسة البيداغوجية المعكوسة، حيث يتحوّل التعليم إلى مجرد تجريب عشوائي، والتلميذ إلى فأر مختبر. تتحدثون عن الكفايات العرضانية والتعليم بالكفايات والمقاربات المندمجة، بينما الواقع لا يتعدى عقودًا هشة ورتوشات ترقيعية تُهدر أعمار الأطفال وتفرغ المدرسة العمومية من جوهرها.
أما الطامة الكبرى فهي المأوى الداخلي لثانوية بني شيكر، الذي جرى “احتلاله” وتحويله عن وظيفته الأصلية. كان يفترض أن يحتضن التلامذة القادمين من القرى النائية، فإذا به يُغلق في وجوههم، ليُدفعوا دفعًا إلى الهدر المدرسي. وهكذا، تتحول المدرسة إلى ثكنة عسكرية، لا إلى فضاء للتنشئة الاجتماعية وتنمية الكفايات الحياتية ومهارات اللغة وثقافة المواطنة.
أسي الوزير، نحن أمام مأساة تربوية مكتملة الأركان. منظومة لا تحفظ حتى أبجديات التخطيط البيداغوجي، وتدبير إداري إقليمي بالناظور – مدير إقليمي وأطره – يتفوق فقط في إنتاج الخصاص والعجز، وعاجز كل العجز عن إيجاد حلول لهذه المعضلة التعليمية التي تخنق الإقليم. أما أنتم، فتكتفون بخطابات جوفاء عن الجودة والإنصاف والارتقاء بالمدرسة المغربية. إنها سخرية سوداء بحجم وطن، تعليم بلا أساتذة، ديداكتيك بلا مضمون، بيداغوجية بلا روح. والأدهى أنكم ما زلتم تظنون أن الشعب لا يرى.






