منظمة مغربية تراسل الجيش الإسرائيلي وتطالب بمحاكمة نشطاء مغاربة من “أسطول الصمود العالمي”

ريف ديا – الرباط

في خطوة وُصفت بالسابقة الخطيرة والمثيرة للدهشة، خرج رئيس ما يسمى بـ“المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد”، نبيل وزاع، برسالة مفتوحة موجهة إلى الجيش الإسرائيلي، يطالبه فيها بعدم إطلاق سراح المعتقلين المشاركين في “أسطول الصمود العالمي”، الذي أوقفته البحرية الإسرائيلية، وعلى رأسهم النشطاء المغاربة، داعياً إلى “محاكمتهم بأقصى العقوبات” بدعوى قيامهم بـ“عملية تحريضية ضد دولة إسرائيل”.

الرسالة، التي أثارت موجة واسعة من الاستنكار داخل الأوساط الحقوقية والسياسية والإعلامية في المغرب، اعتبرها العديد من النشطاء “انحرافاً خطيراً عن أبسط مبادئ حقوق الإنسان”، لما تضمنته من مواقف تتماهى مع الرواية الإسرائيلية، وتبرر الحصار المفروض على غزة منذ سنوات، متجاهلة المأساة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، الذي يعيش تحت القصف والدمار منذ أشهر، مخلفاً آلاف الشهداء، أغلبهم من الأطفال والنساء.

وجاء في نص الرسالة التي نشرها رئيس المنظمة المذكورة على حسابه الرسمي أن “ما أقدم عليه المشاركون في أسطول الصمود يعد تحريضاً خطيراً ضد دولة إسرائيل”، داعياً الجيش الإسرائيلي إلى “محاكمتهم بأشد العقوبات الممكنة”، في إشارة إلى مشاركة مجموعة من النشطاء المغاربة ضمن القافلة الإنسانية التي كانت تهدف إلى كسر الحصار المفروض على غزة.

هذه الخطوة التي وصفها حقوقيون بـ“الفضيحة الأخلاقية” و“السقطة الحقوقية غير المسبوقة”، اعتُبرت بمثابة “تواطؤ معلن مع الاحتلال الإسرائيلي ضد مواطنين مغاربة”، وهو ما أثار غضباً واسعاً داخل المجتمع المدني المغربي، الذي اعتبر أن الرسالة “تمثل خيانة صريحة للقيم الإنسانية ولمبادئ التضامن مع الشعب الفلسطيني المظلوم”.

وبحسب ما أعلنت عنه لجنة قيادة “أسطول الصمود العالمي”، فقد تم اعتقال أزيد من 443 مشاركاً من 47 دولة، من بينهم ستة مغاربة، وهم الناشط الحقوقي عزيز غالي، والناشط أيوب حبراوي، والصحفي بقناة الجزيرة يونس آيت ياسين، والمهندس عبد العظيم بن ضراوي، والخبير الميكانيكي يوسف غلال، وياسين لفرم.

وأكدت اللجنة أن جميع المشاركين كانوا في مهمة إنسانية بحتة تهدف إلى إيصال مساعدات غذائية وطبية إلى سكان غزة، في إطار مبادرة دولية سلمية لكسر الحصار، غير أن البحرية الإسرائيلية اعترضت السفن واعتقلت ركابها واقتادتهم إلى وجهة مجهولة.

في المقابل، اعتبر العديد من الحقوقيين أن موقف المنظمة المذكورة “يشكل إهانة لصورة المغرب الحقوقية أمام العالم”، ويضرب في الصميم روح التضامن الإنساني التي طالما ميزت المواقف الشعبية والرسمية المغربية تجاه القضية الفلسطينية.

وقال أحد النشطاء الحقوقيين، إن “ما صدر عن هذه المنظمة لا يمت بصلة إلى العمل الحقوقي، بل هو تماهٍ مفضوح مع خطاب القوة المحتلة”، مضيفاً أن “الرسالة تحوّل الدفاع عن حقوق الإنسان إلى أداة دعائية في خدمة الاحتلال”.

وطالب عدد من الجمعيات الحقوقية والهيئات المدنية بفتح تحقيق حول خلفيات هذه المنظمة ومدى قانونية أنشطتها، معتبرين أن ما قامت به “يسيء إلى سمعة المجتمع المدني المغربي ويضرب مصداقية النضال الحقوقي في الصميم”.

الجدير بالذكر أن المغرب، بمختلف مكوناته الرسمية والشعبية، ظل يؤكد باستمرار دعمه الثابت للقضية الفلسطينية، ورفضه كل أشكال الاعتداءات على المدنيين في قطاع غزة، وهو ما يجعل هذه الرسالة “الشاذة” – وفق توصيف العديد من المتابعين – معزولة ولا تعبّر عن الموقف المغربي الرسمي ولا عن الضمير الجمعي للشعب المغربي.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح