الجمارك والمديرية العامة للضرائب.. زلزال ضريبي يهز كبريات الشركات الأجنبية بالمغرب

ريف ديا – أحمد علي المرس

الضرائب تُخضع أربع شركات أجنبية لمراجعة بعد تلاعبٍ بـ”أثمان التحويل” لقد دقّت ساعة الصفر، ولم يعد هناك مجال للتهاون أو التساهل مع أيّ جهة، مهما كان موقعها أو حجم نفوذها. فالمملكة المغربية، ومنذ أن قررت المضي في طريق الإصلاح الضريبي وتفعيل مبدأ المحاسبة والشفافية وتكافؤ الفرص بين جميع الفاعلين الاقتصاديين، وضعت حدًّا لزمن الامتيازات الضريبية المشبوهة والتواطؤ المالي المقنّع. وفي هذا السياق، حوّلت مصالح المراقبة المركزية بالمديرية العامة للضرائب ملفات أربع شركات أجنبية تنشط بالمغرب إلى مكتب الصرف والإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة، بعد أن تبيّن تورطها في عمليات تملص ضريبي وتهريب أموال إلى الخارج عبر آلية “Prix de transfert” أو ما يُعرف بـ”أثمان التحويل”.

وأفادت مصادر مطلعة لـ”ريف ديا” أن مصالح الجمارك والصرف باشرت إشعار الشركات المعنية قصد أداء المبالغ غير المصرح بها بالعملة الصعبة، مع إلزامها بتسوية فروقات احتساب الأسعار الحقيقية في تعاملاتها مع الشركات الأم بالخارج و سيما لدول الاتحاد الاوروبي.

وأبرز نفس المصدر أن السلطة الجمركية طالبت بتحصيل الفارق بين القيم المصرّح بها والقيم الفعلية لعمليات “Facturation interne” التي تمت بين الفروع المغربية والمجموعات الأم الأجنبية، خاصة في ما يتعلق بالخدمات المفوترة والتجهيزات المستوردة.

وأكدت المصادر ذاتها أن مراقبي مديرية الضرائب أخضعوا حسابات تلك الشركات للمراجعة الدقيقة، بعد التأكد من وجود تضخيم للفواتير ورفعٍ مصطنعٍ للتكاليف التشغيلية، ما أدى إلى تقليص الوعاء الجبائي وتخفيض المداخيل الضريبية المستحقة للدولة. وقد تبيّن أن بعض هذه الشركات عجزت عن تقديم الوثائق المحاسبية اللازمة خلال عمليات التدقيق، مما استدعى إخضاعها لمراقبة ميدانية تطبيقا لمقتضيات المدونة العامة للضرائب.

وبحسب مصادرنا المتخصصة، فإن عملية المراقبة المزدوجة التي تقوم بها مصالح التفتيش و التدقيق و المراقبة البعدية لدى إدارة الجمارك، ومكتب الصرف، تهم شركات أجنبية تنشط في مجالات الخدمات المعلوماتية والمالية والهندسة والتجارة والتوزيع. ويُشتبه في تسترها على معلومات مالية مهمة، وعدم الكشف عن بياناتها الحقيقية المرتبطة بتحويل الأرباح نحو الخارج عبر آليات “Comptabilité fictive” أو المحاسبة الوهمية.

وأوضحت نفس المصادر أن بعض هذه الشركات لا تربطها أي اتفاقية سارية مع الإدارة الجبائية المغربية بخصوص تحديد “أثمان التحويل”، وهي الاتفاقيات التي يفرضها مرسوم صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية، والذي يلزم المؤسسات الأجنبية الموقعة بتقديم تفاصيل دقيقة حول طبيعة علاقاتها التجارية والمالية مع الشركات الأم، إلى جانب اللوائح المفصلة لهوية المتعاملين وتعريفة الخدمات المسداة.

وقد استند مراقبو الضرائب في عمليات “Contrôle fiscal approfondi” أو المراقبة الضريبية المعمقة، على مقتضيات المادة 210 من المدونة العامة للضرائب، التي تلزم المنشآت ذات التبعية الأجنبية بوضع كافة الوثائق المحاسبية رهن إشارة الإدارة عند بدء فحص الحسابات، بغية تبرير سياسة “أثمان التحويل” المعتمدة في تعاملاتها الخارجية.

وبناءً على نتائج التحقيق المالي والمحاسبي، خضعت الشركات الأربع لمراجعة ضريبية دقيقة ألزمتها بدفع مستحقات مالية ضخمة لفائدة الخزينة العامة، بعد التأكد من تورطها في وقائع التهرب والتلاعب الضريبي عبر تصريحات مغلوطة حول الأرباح المحولة إلى مجموعاتها الأم بالخارج، وخاصة نحو أوروبا.

وأكد خبير اقتصادي متخصص للجريدة الإلكترونية “ريف ديا” أن هناك شركات ومكاتب محاسبة مختصة في فبركة الفواتير الوهمية، وتزوير التصريحات المحاسبتية السنوية أو الفصلية، مقابل مبالغ مالية. وتُختم تلك التصريحات بأختام محاسبين معتمدينExpert-comptable، سواء في الخارج أو داخل المغرب، بهدف التغطية على عمليات تهرب ضريبي واسعة النطاق.
إنّ هذه الإجراءات الصارمة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن المغرب قد دخل مرحلة جديدة من الإصلاح الجبائي والرقابة المالية الصارمة، حيث لم يعد يُسمح لأي مؤسسة، مهما كانت مكانتها، أن تتهرب من أداء واجبها الوطني تجاه خزينة الدولة، أو أن تمارس “التحايل المالي” تحت غطاء المعاملات التجارية الدولية.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح