المطرح التقني بأولاد ستوت بين القانون والواقع… شركة أرما ملتزمة بالمعايير أم لا؟

ريف ديا : احمد علي المرس
خلال أشغال الدورة العادية الأخيرة التي انعقدت امس 07 اكتوبر الجاري لمجلس جماعة الناظور، تم التطرق بإسهاب إلى النقطة المتعلقة بمطرح طمر وتثمين النفايات المنزلية والمشابهة، والتي أثارت نقاشًا واسعًا بين أعضاء المجلس، لما لها من أهمية بيئية واجتماعية واقتصادية كبرى. وقد تم خلال هذا اللقاء طرح تساؤلات جوهرية حول مدى احترام المعايير البيئية والصحية في تدبير هذا المطرح، وضرورة التزام الشركة الفائزة بالصفقة، وهي شركة “arma”، بكافة القوانين التنظيمية والمواد القانونية المصادق عليها من طرف الدولة المغربية في هذا الإطار، خاصة تلك الواردة ضمن القانون الإطار رقم 99-12 المتعلق بميثاق البيئة والتنمية المستدامة، والقانون رقم 28-00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، إلى جانب المرسوم التطبيقي رقم 2.09.139 الصادر في 21 ماي 2009، الذي يحدد شروط وكيفيات تدبير المطارح العمومية ومعالجة النفايات المنزلية. وفي هذا السياق، أشار السادة الأعضاء إلى ضرورة تتبع مدى احترام الشركة المذكورة للمعايير التقنية والبيئية المعمول بها، خاصة تلك المتعلقة بعمليات Traitement mécanique-biologique (المعالجة الميكانيكية-البيولوجية)، وضمان عزل العصارة أو ما يعرف بـ Le lixiviat لحماية المياه الجوفية من التلوث، وكذا مراقبة جودة الهواء الناتج عن عمليات La valorisation énergétique (التثمين الطاقي)، بما يضمن تقليص الانبعاثات المضرة والحفاظ على التوازن الإيكولوجي في المنطقة. كما تم التأكيد على أن أي إخلال بهذه المعايير سيُعد خرقًا صريحًا لمقتضيات القانون المغربي الذي يشدد على حماية البيئة كحق أساسي للمواطن.
وقد أبرز الكاتب العام لعمالة الناظور خلال مداخلته أهمية المقاربة التشاركية في تدبير هذا الورش البيئي الهام، مبرزًا أن اقتراح اللجنة التفقدية بزيارة مطرح طمر النفايات بأولاد ستوت بزايو جاء بمبادرة منه، كاقتراح وجّهه إلى السادة أعضاء الجماعات الترابية بالإقليم قصد الاطلاع الميداني على سير المشروع ومواكبة مراحله التقنية والبيئية. وقد لاقى هذا المقترح تجاوبًا إيجابيًا من جميع الحاضرين، باعتباره يندرج في إطار الشفافية والحرص على ضمان جودة الخدمات العمومية المقدمة في هذا القطاع الحيوي.
وأكد الكاتب العام عمالة الناظور أن جل التساؤلات والاقتراحات التي طرحها خلال أشغال الدورة كانت تصب في الصالح العام، سواء على المستوى البيئي أو الاجتماعي، إذ شدد على أهمية احترام دفتر التحملات، ومواكبة عمل الشركة في إطار من المسؤولية والمراقبة المستمرة، خاصة في الشق المتعلق بما هو اجتماعي، الذي يلامس المواطنين وساكنة الناظور بصفة عامة. كما دعا إلى ضرورة البحث عن حلول عملية لفائدة الأشخاص الذين كانوا يزاولون نشاط فرز النفايات بالمطرح والمعروفين بـ“البوعارة”، مؤكدًا على أن إدماجهم في المنظومة الجديدة التي تشرف عليها شركة “إيكوميد” يُعد مبادرة إنسانية نبيلة، تضمن لهم مصدر عيش كريم وتحافظ على السلم الاجتماعي، داعيًا في الوقت نفسه إلى تجنب أي اصطدام أو توتر معهم، والعمل على إدماجهم بشكل تدريجي ومنظم ضمن هيكلة جديدة تراعي كرامتهم وتوفر لهم بدائل واقعية. وفي هذا الصدد، أشار الكاتب العام أيضًا إلى بعض النقاط السوداء أثناء جمع النفايات المنزلية بالشوارع رغم المجهودات المبذولة، وركز على عمليات كنس أماكن الحاويات التي تجمع فيها النفايات المنزلية، وكذلك إغفال عمال الشركة للأزقة الفرعية التي تتفرع عن الشوارع الرئيسة، وهو ما يتطلب مراقبة دقيقة وتعزيز الإجراءات العملية لضمان نظافة شاملة لكل الأحياء.
تخضع عقود التدبير المفوّض لرقابة دقيقة وفق القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوّض للمرافق العامة، الذي يُلزم الشركات باحترام التزاماتها التقنية والبيئية، وتقديم تقارير دورية للسلطات المفوِّضة. كما أنّ المعايير البيئية الوطنية NM ISO 14001 تفرض على الشركات اعتماد منظومات تدبير بيئي متكاملة ترتكز على الوقاية والمراقبة المستمرة. وفي حال عدم الامتثال، فإن القوانين تخوّل للمؤسسة المفوِّضة حقّ الفسخ أو المراجعة أو الغرامة، حمايةً للمصلحة العامة وصونًا للحق في بيئة سليمة كما نصّ عليه الفصل 31 من الدستور المغربي.
ومع استمرار العمل في مركز طمر النفايات بأولاد ستوت، تبرز جملة من التحديات البيئية المستقبلية التي تستدعي متابعة دقيقة وإجراءات استباقية، أبرزها التحكم في كمية النفايات العضوية المتزايدة وضمان استقرار العزل الأرضي لتجنب تسرب العصارة (Le lixiviat)، بالإضافة إلى الحد من انبعاث الغازات الدفيئة غاز الميثان والروائح الكريهة عبر أنظمة التقاط الغاز الحيوي والتثمين الطاقي (La valorisation énergétique)، وتطوير عمليات المعالجة الميكانيكية-البيولوجية (Traitement mécanique-biologique) لتقليص حجم المخلفات وإعادة إدخال المواد الصالحة للاستخدام في الاقتصاد الدائري. ويظل التحدي الأبرز هو ضمان التوازن بين التوسع العمراني والنمو السكاني من جهة، وبين حماية البيئة وصون صحة المواطنين من جهة أخرى، ما يستلزم تفعيل دور الرقابة المستمرة، وتطبيق العقوبات القانونية عند أي إخلال، وتعزيز ثقافة الوعي البيئي لدى جميع الأطراف المعنية. إن نجاح المشروع في المستقبل لن يقاس فقط بمدى قدرة المطرح على استيعاب النفايات، بل بمدى التزام الشركة المفوض لها بالمعايير القانونية والبيئية، وبحسن إدارة الموارد البشرية والاجتماعية، بما يشمل دمج الأشخاص الذين كانوا يزاولون نشاط فرز النفايات التقليدي.






