جريمة بيئية معلّقة بين المسامير والجفاف.. غابة الصنوبر بالناظور تحتضر على مرأى الجميع

ريف ديا – رشيد لكزيري
في مشهدٍ يختلط فيه الغضب بالدهشة، وثّقت عدسة موقع ريف ديا رُزمة من الصور والفيديوهات تُظهر أطوار ما وُصف بـ”جريمة بيئية خطيرة”، طالت غابة “الصنوبر” الممتدة من مشارف مدينة الناظور إلى منطقة “غاسي” المتاخمة لبني أنصار، حيث عمدت جهة مجهولة إلى غرز مسامير وقضبان حديدية في جذوع الأشجار، في محاولةٍ يُشتبه أنها تهدف إلى تيبيسها وقتلها، وسط صمت الجهات المسؤولة.
وحسب مصادر محلية تحدّثت للموقع، فإنّ الغابة التي تُعدّ المتنفس البيئي الوحيد لمدينة الناظور، تعيش منذ خلال السنوات الأخيرة على وقع “مجزرة بيئية” تُهدّد توازنها الإيكولوجي، إذ جرى قتل المئات من أشجار الصنوبر، التي يتجاوز عمر بعضها نصف قرن، من خلال دقّ المسامير وقصبان حديدية في جذوعها، ما أدّى إلى تيبّسها وتحولها إلى أعواد يابسة.
المصدر ذاته أكد أن الظاهرة باتت مقلقة، إذ يمكن لأيّ متجوّل على كورنيش المدينة، أن يلاحظ بوضوح زحف الأشجار اليابسة على نظيرتها الخضراء، خاصة في منطقة “ترقاع” والطريق المؤدية إلى بني أنصار، في مشهدٍ يحزّ في النفس، ويدق ناقوس الخطر حول مصير الغطاء الغابوي بالمنطقة.
في هذا الصدد، تتصاعد دعوات من نشطاء بيئيين وجمعيات مدنية للتدخل العاجل من طرف السلطات الإقليمية، وعلى رأسها عمالة الناظور ووكالة مارتشيكا والمندوبية الإقليمية للمياه والغابات، لوقف ما وصفوه بـ”جريمة ممنهجة تهدف إلى تدمير الغابة وتحويلها إلى أرض عارية تمهيدًا للاستيلاء عليها”، كما ناشد المتحدثون النيابة العامة بفتح تحقيق عاجل لتحديد هوية الفاعلين المجهولين ومتابعتهم قضائيًا، باعتبار أن هذه الأفعال تمسّ الحق الجماعي في البيئة السليمة وتشكّل تهديدًا للأجيال القادمة.
غير أن الرواية الرسمية بدت مغايرة تمامًا، فقد تواصل موقع ريف ديا مع مصدر مسؤول بمندوبية المياه والغابات بالناظور، الذي أوضح أن التحريات الميدانية المنجزة سابقًا بيّنت أن الأشجار المتضررة بالغابة المذكورة “تضرّرت نتيجة توالي سنوات الجفاف التي عرفتها المنطقة خلال المواسم الأخيرة”، مؤكّدًا أن هذا العامل المناخي هو السبب الرئيسي في تدهور حالة الصنوبر وموت عدد من أشجاره.
وبخصوص المسامير التي أثارت الجدل، أفاد المصدر ذاته أنه من خلال معاينة فيديو موقع ريف ديا يظهر أن المسامير “وُضعت بطريقة عشوائية في شجرة واحدة فقط”، وأن تأثيرها “سطحي ومحدود ولا يمكنه علميًا أن يتسبب في تيبّس أو موت الأشجار”، مضيفًا أن فرضية ربط موت الغابة بالمسامير “تفتقر إلى أساس علمي وميداني” وأن الحديث عن جريمة بيئية “يبقى بحاجة إلى أدلة موضوعية”.
ورغم هذا التوضيح الرسمي، ما زال الجدل قائمًا في الأوساط المحلية بين من يرى في ما حدث “مؤامرة بيئية” تستهدف الغابة لتسهيل الاستيلاء على أراضيها، ومن يعتقد أن الظاهرة مرتبطة بعوامل طبيعية ومناخية صرفة، وبين هذا وذاك، تبقى غابة الصنوبر، بما تمثله من ثروة طبيعية نادرة، في أمسّ الحاجة إلى حماية عاجلة تقيها من الزوال، حفاظًا على التوازن البيئي والجمالي لمدينة الناظور.






















