برلمان إسبانيا يصوّت لصالح مبادرة لليمين المتطرف تستهدف فِلاحة الصحراء المغربية

ريف ديا – الرباط
في مناورة سياسية جديدة تعكس استمرار بعض التيارات الإسبانية في استهداف المصالح المغربية، صادق البرلمان الإسباني، مساء الخميس، على مبادرة مثيرة للجدل قدمها حزب “فوكس” اليميني المتطرف، تدعو حكومة مدريد إلى معارضة تعديل اتفاقية الشراكة الفلاحية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، لمنع إدراج المنتجات الزراعية القادمة من الأقاليم الجنوبية للمملكة.
هذه الخطوة، التي مرت بفضل تحالف “هجين” وغير متوقع بين أطياف سياسية متناقضة، تضع حكومة بيدرو سانشيز الاشتراكية في موقف حرج، وتُلقي بظلال من الشك على مدى التزام المؤسسة التشريعية الإسبانية بمسار الشراكة الإستراتيجية الذي دشنته المملكتان مؤخراً.
تحالف هجين بأجندات متقاطعة
أبرز ما ميّز جلسة التصويت هو الدعم الذي تلقته مبادرة “فوكس”، المعروف بمواقفه المعادية للمغرب، من قوى سياسية لا تنتمي إلى معسكره الأيديولوجي.
وحسب ما أوردته وكالة “أوروبا بريس”، فإن حزب الشعب المحافظ، واتحاد نافارا الشعبي، وخصوصاً حزب “سومار” اليساري الراديكالي، الشريك في الائتلاف الحكومي، صوتوا جميعاً لصالح المقترح.
ويفسر مراقبون هذا الاصطفاف بوجود تقاطع للمصالح؛ فبينما يستغل اليمين الملف لمهاجمة الحكومة والضغط على المغرب سياسياً، يجد “سومار” في التصويت فرصة للمزايدة السياسية على شريكه الاشتراكي، وإرضاء قواعده التي تتبنى مواقف مناوئة للوحدة الترابية للمملكة، فضلاً عن رضوخ الجميع لضغط اللوبيات الفلاحية الإسبانية التي تسعى إلى إقصاء المنتجات المغربية من السوق الأوروبية.
واستندت الأطراف المؤيدة للمبادرة إلى ما وصفته بـ”السند القانوني”، متمثلاً في حكم سابق صادر عن محكمة العدل الأوروبية بتاريخ 4 أكتوبر 2024، والذي ربط شمول موارد الصحراء المغربية في أي اتفاقية دولية بضرورة استشارة سكانها.
ورغم أن المغرب والاتحاد الأوروبي يعملان على إيجاد صيغ قانونية لتجاوز هذه الإشكالية، إلا أن خصوم المغرب في إسبانيا ما فتئوا يستخدمون هذه القرارات كورقة ضغط سياسية.
وكان “فوكس” قد مهّد لهذه الخطوة بتوجيه سؤال عاجل إلى وزير الفلاحة والصيد البحري، لويس بلاناس، يطالبه فيه بتوضيح موقف حكومته من إدراج منتجات الصحراء، معتبراً ذلك “مخالفة صريحة للقانون الأوروبي”.
الحكومة الاشتراكية في موقف دفاعي
في المقابل، قاد الحزب الاشتراكي العمالي جبهة الرفض، حيث حذر نوابه من التداعيات الوخيمة لتبني هذه المبادرة على العلاقات الدبلوماسية مع الرباط.
وأكد ممثلو الحزب الحاكم أن مثل هذه القرارات “تُعكّر صفو الشراكة الإستراتيجية” التي تجمع البلدين في مجالات حيوية كالأمن والهجرة والاقتصاد.
ورغم معارضة الحكومة، نجح التحالف الجديد في تمرير البند المتعلق بالمنتجات الزراعية، في حين تمكن الاشتراكيون من إسقاط باقي بنود المبادرة الأكثر تطرفاً خلال التصويت.
هذا، وتبقى هذه التوصية البرلمانية غير ملزمة قانونياً للحكومة، لكنها تشكل مؤشراً قوياً على حجم الضغوط السياسية والاقتصادية التي تواجهها مدريد في سعيها للحفاظ على علاقات متوازنة ومستقرة مع شريكها الجنوبي.






