حملة وطنية لتعقب شبكات التملص الضريبي بتعاون بين إدارة الضرائب والجمارك

ريف ديا – أحمد علي المرس
علمت الجريدة الإلكترونية “ريف ديا” من مصادرها الخاصة أن مصالح المراقبة المركزية بالمديرية العامة للضرائب وجّهت تعليمات صارمة إلى مفتشي المراقبة الجهوية قصد التدقيق في سلسلة من عمليات التفويت والاستقالات المشبوهة داخل عدد من الشركات، التي يُشتبه في إنشائها بغرض التملص الضريبي والتحايل الإداري، والتخلص من المسؤولية القانونية عن ديون ضخمة تجاه إدارة الضرائب والبنوك والمزودين.
وأفادت المصادر نفسها بأن الاستراتيجية الجديدة للمنظومة الجبائية اعتمدت على معطيات ميدانية دقيقة، جُمعت بتنسيق مع مصالح التحقيقات وتثمين البيانات، حيث كشفت هذه الأخيرة عن موجة غير مسبوقة من استقالات المسيرين الذين عمدوا إلى بيع حصصهم وأسهمهم ومغادرة مواقع التسيير مباشرة بعد تفاقم التزامات شركاتهم المالية، في محاولة واضحة للإفلات من المتابعة القانونية.
وأضافت المعطيات التي توصلت بها الجريدة أن تعليمات مركزية وُجّهت إلى الفرق المختلطة الميدانية لتكثيف التعاون بين المديريتين العامتين للضرائب والجمارك، بهدف تتبّع مسار الشركات المشتبه فيها والتي تورط بعضها في montages financiers معقّدة، سمحت لها بالاستفادة من تمويلات بنكية ضخمة، رغم فقدانها لأي نشاط اقتصادي فعلي على أرض الواقع.
وأكدت مصادر مطّلعة أن مهام التدقيق الجبائي ستركز على مراجعة الكفالات الشخصية للمسيرين، والبحث في القروض غير المسددة، وربط توقيت عمليات التفويت بالوضع المالي للشركات المعنية، في إطار مقاربة شمولية تروم تحديد المسؤوليات الفعلية ومساءلة كل من ثبت تورطه في التلاعب بالمعطيات المحاسبية أو القانونية.
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر رفيعة المستوى لموقع “ريف ديا” ،أن مصالح المراقبة المركزية زوّدت المصالح الجهوية بمعلومات دقيقة تخص متابعات قضائية طالت مسيرين سابقين لشركات وقعوا على كفالات تضامنية قصد الحصول على تمويلات بنكية لفائدة شركات غادروها لاحقًا، دون تصفية وضعياتها القانونية أو الجبائية.
وامتدت عمليات المراقبة إلى التحقق من حالات توزيع أرباح صورية، وعدم إيداع الحسابات السنوية، وتجاوز عقد الجموع العامة، إضافة إلى سوء استعمال الأموال وتجميد الأنشطة رغم فقدان الرساميل. كما أظهرت التحقيقات أن عدداً من هذه المقاولات تحولت إلى sociétés-écrans تستغل لتغطية عمليات تمويه مالي وتجاري غير مشروعة. ورصدت الإدارة الجبائية تنامي ظاهرة تفويت شركات وهمية لا تتوفر على أي نشاط صناعي أو تجاري أو خدماتي فعلي، تُستعمل لتسهيل الحصول على قروض بنكية، واستخراج تأشيرات، والقيام بعمليات opérations d’import-export مشبوهة، وهو ما أدى إلى نزيف جبائي ومالي كبير.
كما تبيّن أن وسطاء ومحاسبين تورطوا في تسويق هذه الشركات مقابل عمولات مغرية، بعدما أقنعوا زبائنهم ببيع شركاتهم المتعثرة عوض تصفيتها، ما تسبب في تعقيد المشهد القانوني والمالي ورفع من حجم المنازعات القضائية بين المالكين الجدد من جهة، ومديريتي الضرائب والجمارك والبنوك من جهة أخرى.
وأكدت المصادر ذاتها أن أغلب هذه الشركات بلغت مرحلة التوقف الكلي عن النشاط، وعجزت عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين العموميين والخواص، على رأسهم الإدارة الضريبية والخزينة العامة للمملكة، الأمر الذي دفع السلطات الجبائية إلى اعتماد مقاربة تشاركية مع المصالح الجمركية لتضييق الخناق على شبكات التلاعب المالي، وتعزيز التنسيق الميداني والمعلوماتي من أجل التصدي لكل مظاهر التهرب الضريبي والجمركي.






