المحكمة العليا الإسبانية تحدد مسؤولية الدولة عن طلبات التأشيرة عبر BLS

ريف ديا – مليلية

في سابقة قضائية تُعد تحولًا بارزًا، أصدرت المحكمة العليا الإسبانية حكمًا نهائيًا يُلزم القنصليات الإسبانية وشركة BLS International، المتعاقد معها لمعالجة طلبات التأشيرات، بالالتزام الصارم بالمقتضيات القانونية والإدارية، حيث اعتبرت المحكمة شركة BLS امتدادًا رسميًا للإدارة الإسبانية، مُسقطة بذلك ادعاء وزارة الخارجية بأنها جهة مستقلة.

يُمثل هذا القرار نقطة تحول حاسمة في طريقة التعامل مع ملفات التأشيرات، لاسيما بالنسبة للمواطنين المغاربة الذين يشكلون الشريحة الأكبر من طالبي تأشيرات شنغن نحو إسبانيا، حيث لطالما عانى هؤلاء من تعقيدات بيروقراطية وإجراءات غير واضحة.

وأوضح القاضي خوسيه لويس كيسادا، واضع الحكم، أن العلاقة بين القنصليات وشركة BLS تتجاوز مجرد العقد التجاري لتصل إلى تفويض مباشر لممارسة سلطة الدولة، وهذا يعني تحميل الإدارة الإسبانية المسؤولية الكاملة عن كافة الإجراءات والقرارات الصادرة عن الشركة، كما أكد الحكم أن الفترة الزمنية لتقديم طلب التأشيرة تبدأ من لحظة تسليمه إلى BLS، وليس إلى القنصلية مباشرة، ما يضع حدًا للعديد من التأخيرات غير المبررة.

يُوجه هذا الحكم ضربة قوية لما وصفه المحامي مانويل فيليبي غارونيا بـ”التواطؤ الإداري المقنع”، ويُجبر الدولة الإسبانية على تحمل مسؤوليتها تجاه المواطنين والأجانب على حد سواء، كما يسلط الضوء على المشكلات المتفاقمة المتعلقة بسوق المواعيد السوداء أمام بعض القنصليات الإسبانية، حيث تُباع المواعيد بأسعار باهظة تصل إلى 1500 يورو، في ظل غياب الرقابة الفعالة على الشركة المتعاقدة.

وكشف الحكم عن تباين صارخ في سرعة معالجة طلبات التأشيرة بين مختلف القنصليات الإسبانية؛ ففي حين تُعالج الطلبات في مكاتب مثل موسكو وباريس خلال أيام معدودة، تستغرق العملية في القنصليات المغربية أسابيع أو حتى شهورًا، وهذا التفاوت، بحسب المحامي غارونيا، يعكس “نظرة استعمارية مبطنة” وغياب المراقبة الصارمة على مكاتب الوساطة.

من المتوقع أن يُجبر هذا القرار الحكومة الإسبانية على مراجعة شاملة لمنظومة التأشيرات، وإلغاء أي ممارسات تمييزية أو بيروقراطية مفرطة تمس حقوق طالبيها.

ويأتي ذلك في وقت تُحافظ فيه المملكة المغربية على منظومة قنصلية متكاملة تُدار بكفاءة واحترام لمواطنيها، دون اللجوء إلى تفويض مهام سيادية للقطاع الخاص.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح