إلياس العماري الظاهرة السياسية التي يصعب فك رموزها

ilyas omari

ريف دييا:

صحيح أنّ السياسة لُعبة لا يفقهُ تَمريــراتها إلاّ لاعبُوهــا،لكنّنــا سنَجْتهِـد في هَذا التَّحْليــل و حسب المُعْطَيــات المُتـاحـَة و جمع الأحداث و إعــادة استقـرائهـــا، و الخُرُوج منْهَــا بــاستنتاجات لوضع هذه الشخصية تحت المجهر و في إطارها الصحيح

شق إلياس العماري طريقه بعصامية قل نظيرها في وقتنا الحالي فبعد انقطاعه عن الدِّراسة في المَرْحَلــة الإعدادية أضحى يَحْملُ وزْرًا كَبيرًا على أكْتــافهِ، فسعى إلي تكوين نفسه بعصامية بعيدا عن حجرات الدرس، فكانت هجرته إلي الرباط وارتماؤه بين أحضان الطلبة القاعديين بادرة خير عليه، فقد استلهم منهم الكثير فتعلم على أيديهم أول أبجديات الماركسية اللنينية، ظل متنقلا من قلعة إلى أخرى بين قلاع الماركسية في المغرب من الرباط الى فاس فوجدة، لا تحركه إلا الأفكار و المبادئ التي آمن بها غير متردد في نصرة رفاقه في كل ربوع المغرب كلما تطلب منه الأمر ذلك، كان دائم الحرص على حضور مؤتمراتهم و أمسياتهم و حلقياتهم متنقلا من أقصى المغرب إلي أدناه، حتى ولو كلفه ذلك المبيت في العراء ،أو في غرفة مكدسة بالرفاق بعضهم فوق بعض. تشبع بالفكر الاشتراكي اليساري حتى اختلط بكريات دمه ،فاستمر على هذا الحال عقدا من الزمن، عانى خلالها من البؤس و الفقر و قصر ذات اليد، كان بالكاد يجني قوت يومه كبائع للخضروات بـحي “القامرة” الشعبي.

تفطن إلياس العماري باكرا إلى أهمية العمل الجمعوي فأسس أسطولا من الجمعيات تنشط في جميع الميادين و المجالات منها ماهو اجتماعي، انساني، سياسي، رياضي و فني، و وثقافي .. متادخلة بعضها مع بعض تتوزع مابين الرباط و طنجة و الريف و تحمل كلها بصمة إلياس العماري فجعل منها اداة يتقرب بها من الساكنة و في نفس الوقت جواز مرور لدى .الجهات العليا في البلاد

يقول أصدقاؤه أن كنيته الأصلية مشددة الميم ومفتوحة العين” العَمّاري”،إنه الظاهرة السياسية التي يصعب فك رموزها، أصدقاءه يصفونه بالرجل الطيب مع الطيبين وقريب من الفقراء ووفي لبلدته وأقرب لأصدقائه، لكنه في ذات الوقت شرس حين يتعلق الأمر بالشُّرّس ومناور كبير في مواجهة أعتى المناورين.

فالمتتبعون للمشهد السياسي يقرون بأن لا أحد، من زعماء الأحزاب السياسية استطاع مواجهته والانتصار عليه بالرغم من أنه لا يملك منصبا أو صفة سلطوية او مخزنية او سياسية تعطيه شرعية المواجهة

ولذلك فإن الزعيم السياسي الوحيد الذي كانت له الشجاعة لمواجهته بالخطاب وتبادل الشتائم على الأقل هو عبد الإله بنكيران أما باقي زعماء الأحزاب، يسارهم بيمينهم،فهم إما يهابونه أو يتفادون الدخول معه في اي سجال، عملا بالمثل القائل:كم حاجة قضيناها بتركها.

لا يعرف الناس سر معاداته لأطروحات حزب العدالة والتنمية ، رغم أن أباه محمد العماري كان فقيها في مسجد “إمنود” حيث ولد إلياس.

أما غيرته على الأمازيغية فقد حجبتها الصراعات السياسية منذ أن شارك فؤاد عالي الهمة في تكوين حزب سياسي سمو”الأصالة والمعاصرة”.

وقد أثر هذا الحزب موجة من ردود الفعل لدى بعض السياسيين، فهو كان بمثابة الحوت الكبير الذي سيتلقف كل الأسماك فراح ضحيته منذ البداية حزب كان يتزعمه العسكري المتقاعد الكولونيل عبد الله القادري –الحزب الوطني الديمقراطي- وآخر كان يتزعمه الطبيب المختص في العظام نجيب الوزاني-حزب العهد-، أما الأستاذ الجامعي مصطفى المنصوري فقد استعصى على الأصالة والمعاصرة إقناعه بالاندماج إلى أن تمكن منه إلياس العماري فأقنع أعضاء المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار لاستبداله بالرياضي في كرة السلة صلاح الدين مزوار.

وحين عصفت نسائم الربيع العربي ببعض شوارع المملكة نادى شباب عشرين فبراير برحيل إلياس العماري فأجابهم بالوسائل المتوفرة إليه:”فاين بغاوني نرحل؟”.

لقد كان الرجل محبا للصراعات منذ نعومة أظافره، فهو مزعج حد الإزعاج ولا يفرق بين الماء الصافي والعكر في السياسة أو خارجها. لقد احتج وهو تلميذ صغير في المطعم المدرسي على جودة الأكل، فطرد حينها من المطعم والداخلية المدرسية، وتبعته لعنات الطرد في كل مراحل حياته.

ورغم أن الكثير من معارضيه ينعتونه باليد الظاهرة للمخزن الخفي، او كما يسميه البعض “المخزن العميق”، فالشخص كثيرا ما يفند كل هذا ويعود بذاكرته إلى معاناته الطويلة مع المخزن، منذ كان الدرك الملكي يطلبون منه ومن أقرانه تنظيف القرية من الأزبال والنفايات، لكي يستفيدوا من التفرج مساء كل ثلاثاء من سنة 1974 من المسلسل الأجنبي”طارزان”.

أحلامه مع “طارزان” جعلته يجسد هذا الدور بإتقان كبير في غابة السياسة، حيث القوي يقهر الضعيف، والذكي يطيح بالأقل ذكاء.

لم تتوقف معاناة إلياس مع المخزن عند ذكريات الصبا، بل تجاوزته إلى أن أصبح تلميذا في الثانوي، حين طرد من الدراسة بسبب أحداث الريف سنة 1984، وكانت التهمة هي تمزيق العلم الوطني. فتاه العماري على وجه الأرض، بين فاس والرباط، يبيع الورق ويطلب العيش.

وستتغير حياة العماري كثيرا حين نسج خيوطا قوية مع الصحافيين، فقدم له عزيز كوكاس فؤاد عالي الهمة؛ كاتب الدولة في الداخلية حينها، فرصة لم يضيعها إلياس، لتبدأ رحلة العمل الجلي.

ومن “أمنود” البلدة لتي رأى فيها العماري النور، قرر أن يخدم وطنه من داخل المؤسسات التمثيلية، فترشح باسم حزب الأصالة والمعاصرة للانتخابات الجماعية والجهوية التي جرت في الرابع من شتنبر 2015، وكيلا للائحة جهة طنجة تطوان الحسيمة التي بوأته موقعا جد متقدم حيث تم انتخابه رئيسا للجهة بعدما حصل على أغلبية جد مريحة من أصوات عضوات وأعضاء مجلس الجهة.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح