مغاربة “أميون” يؤثرون في صياغة سياسات بلدان متقدمة

nour said hammouchi
بقلم : نورالسعيد الحموشي

في أواخر الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي ، شدت الرحال شرذمة من “الاميين” المغاربة الى بلاد المهجر بحثا عن الكلأ ، قلنا يومها لا بأس على هذا النعت ، وفي أواخر الثمانينات انطلقت هجرة أخرى ، هذه المرة بغية التعلم والبحث عن المعرفة إضافة الى الكلأ طبعا ، والى حد اليوم لا زالت الهجرة مستمرة رغم اختلاف الأسباب حتى أضحى عددنا اليوم يفوق الستة ملايين “أمي” مغربي في المهجر.

جاء دستور 2011 وحلت البشرى وحددت حقوقنا خاصة ما جاء في الفصلين 16و17 ، لكن كل شيء تبخر اليوم، الذي جادوا به علينا مشكورين هو الاسم حيث أضحوا ينعتوننا بمغاربة العالم عوض ما سلف .

واما بلغة الأرقام ، ارقام الواقع وليس الدستور، فمجموع ما يتقاضاه هؤلاء الاميون يقدر بحوالي 100 مليار دولار في السنة واما الدخل العام للمملكة فهو 108 مليار دولار ، اما تحويلاتهم الى بلدهم فقد فاقت 6 مليار دولار وهذا بالتمام ميزانية الجارة الشقيقة موريتانيا .

العجيب ليس في هذا النوع من الأرقام ، بل أن هؤلاء “الأميون” لا تكاد تخلو مستشفى بأوروبا من طبيب أو جراح أو أي اطار ، وعن المهندسين والمحامين وكذا الأكادميون والأساتذة الباحثون فعدِدْ ولا حرج، والطامة الكبرى هي أن “اميا” اسمه رشيد اليزمي عضو وكالة نازا سابقا اخترع بطارية الهاتف الذكي الذي يستعمله كل العالم ، الأختراع يسمى الليثوم ايوم ، واليوم وانا اتصفح جريدة ، استوقفني عنوان عريض يقول “هولاند يعين شابا مغربيا رئيسا لمجلس القطاع الرقمي بفرنسا”.

واما سياسيا وهو مربط الفرس، فقد تبوأ هؤلاء “الأميون” مناصب عليا في بلدان اقامتهم ، فمنهم وزير و برلماني ورئيس برلمان وبلدية، علاوة على الأكاديمي والباحث والمحلل السياسي..، ولعل خير مثال، هو وجود وزيرتان في الحكومة الفرنسية المكونة فقط من 16 حقيبة، واما بهولاندا ، فالشخصية الثالثة في هرم الدولة هي سيدة مغربية “أمية”، بكل هذا يكون هؤلاء قد برهنوا وفي كل مرة وحين على علو كعبهم في شتى المجالات المعرفية والبحثية والسياسية ، الا ان هذا المسار المتميز لم يشفع لهم بأن يعاملوا حقوقيا كما مغاربة الداخل.

مؤخرا خرج إلينا المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتقريره السنوي في عشرات الصفحات إن لم أقل المئات ، فلم يتضمن هذا الأخير أي كلمة او إشارة في حق هؤلاء “الاميين”، في حين تجرأ وطلب القلم الأحمر ليصحح القران الكريم في موضوع الأرث، وليته انتهى عند هذا الحد، بل تعداه فقد وصلنا انهم رفقة جهات أخرى، اعدوا تقريرا أسودا ووضعوه بين يدي جلالة الملك ، يقولون فيه ان الجالية لم تنضج بعد وبالتالي فهي غير مؤهلة للمشاركة السياسية في استحقاقات أكتوبر 2016 .

إن كان ما بلغه مغاربة العالم في تقلد مناصب سياسية وديبلوماسية عليا في بلدان متقدمة، وفي كُـبريات الاكاديميات … في نظركم “أمية” ، فلنا كل الفخر أن نكون “أميون” ، وكيف لا نفتخر بذلك والله جل جلاله وصف خير خلقه رسول الله بـ “النبي الأمي” ، وكان هذا نسبة الى أم القرى وهي مكة ونحن “أميون” نسبة الى أمنا المغرب.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح