“الترمضين” أفة تنخر في جسد المجتمع المغربي في رمضان

765_4781

ريف دييا: ياسين الحسناوي

لا يختلف اثنان، أن العبادات الخمسة ما جاءت اعتباطية، وإنما لكل منها مغزى وهدف ديني ودنيوي، يهدف أساسا إلى ربط صلة العبد بمعبوده، والعبد بأخيه العبد بالمودة والتضامن والتعاون والأخوة والأخلاق الحسنة التي تنسجم مع الضوابط الشرعية.

إلا أنه خلال السنوات الأخيرة، طفت على السطح، مجموعة التصرفات الشاذة والدخيلة على أخلاق الإنسان المسلم الذي يبتغي رحمة الرحمان، ومغفرة الغفار، ولا تنم عن تصرفات من يسعى وراء التقرب إلى رب السماوات والأرض.

ومن بين هذه التصرفات هي التي نُلاحظها بالأساس خلال شهر رمضان، و يُصطلح عليها ظلما وعدوانا بـ “الترمضين” نسبة إلى هذا الشهر المُعظم، وهي مجموعة من السلوكيات التي تنشأ جراء حالات من الانفعال الزائد لأتفه الأسباب، وتتسبب في مجموعة من الحوادث والجرائم والأفعال الشنيعة، وهي بالأساس لا علاقة لها مع الصيام، بقدر ما تنتج جراء الانقطاع المُفَاجئ للإدمان عن التدخين وبعض المشروبات مثل الشاي والقهوة، وتغير نمط الحياة اليومية خلال أيام الصيام.

ترمضينة

كثيرة هي الحالات التي نتجت عن هذه الظاهرة، بقبيل القتل، والاغتصاب الجنسي، والسرقة والعراك … والكثير من السلوكيات التي ارتبطت بالصيام، وهي في الأصل ربط ظالم، بينها وبين الصيام وعدوان صريح تُجاه هذه الأيام المُبَاركة.

وخلال اليوم الأول من شهر رمضان الذي أهله الله علينا البارحة، عاينت عراك شب بين شخصين كاد أن يتطور إلى ما لا تحمد عقباه، إثر تطور ملاسنات كلامية وتبادل للكلام النابي إلى تهديد أحدهم للثاني بالضرب والقتل، قبل أن يتدخل بعض المارة الذي فضواْ الشجار، هذا إضافة إلى ما تناولته مجموعة من المنابر الإعلامية لمجموعة من الحالات الأخرى التي تندرج ضمن حالات ظاهرة الترمضين، وهي حالات ليست مرضية كما أشار إلى ذلك أخصائيين، لأنه من المفروض على المرء أن يتحكم في أعصابه، وفي سلوكياته وتصرفاته، سواء خلال فترة الصيام أو غيره.

أصبحنا وللأسف الشديد نسمع المصطلحات التي تدل على الترمضين أكثر مما نسمع “رمضان مبارك”، مثل “صوم ولا لهلا أيصوم شي قوم” و”الصبح لله.. طعلي الدم” و”شري ولا لهلا تشري ليماك” … إلخ، هذا ناهيك عن السب والشتم والقذف والكلمات النابية ..

قد أجزم أن “الترمضين” -بين الآلاف الأقواس- هي مجرد حالات سلوكية غير عادية، ولا تخضع للضوابط الأخلاقية، إلا أن ما تنتجه من كوارث اجتماعية على وجه الخصوص، وتطورها من خلافات بسيطة إلى جرائم وحوادث شنيعة ووخيمة في الكثير منها، تحتاج فعلا إلى دراسة ومُعالجة شمولية من طرف القائمين على الشأن الديني والتربوي والمؤسسات التي لها دخل، إضافة إلى مُشاركة جمعيات المجتمع المدني في حملة للتحسيس والتوعية.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح