قال الفساد : أبي حزب المخزن !‎

المرتضى إعمراشاً : الحسيمة | المغرب

في الحديث الذي رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ، عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج ، وكان جريج رجلا عابدا ، فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمُّه وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : أي رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات ، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته ، وكانت امرأة بغي يُتَمثَّلُ بحسنها ، فقالت : إن شئتم لأفْتِنَنَّه لكم ، قال : فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته ، فأمكنته من نفسها ، فوقع عليها ، فحملت ، فلما ولدت قالت : هو من جريج ، فأتوه فاستنزلوه ، وهدموا صومعته ، وجعلوا يضربونه ، فقال : ما شأنكم ، قالوا : زنيت بهذه البغي فولدت منك ، فقال : أين الصبي ، فجاءوا به ، فقال : دعوني حتى أصلي ، فصلى ، فلما انصرف أتى الصبي فطَعَنَ في بطنه ، وقال : يا غلام ، من أبوك ؟ قال : فلان الراعي ، قال : فأقبلوا على جريج يقَبِّلونه ويتمسحون به، وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب ، قال : لا ، أعيدوها من طين كما كانت ، ففعلوا.
لا أدري كلما ألاحظ موقف حزب العدالة والتنمية وموقعه الحالي في رئاسة الحكومة خاصة السيد عبد الإله بن كيران أتذكر جريج العابد ، فهذا الرجل كما ترون في الحديث كان منشغلا بالعبادة عن الناس ومصائبهم ونزواتهم ، فلما لم يجد الشيطان عليه سبيلا أوحى لشياطين الإنس أن يخططوا لإنزاله من صومعته ، فلم يجدوا أنسب من إيقاعه فيما استلذوه هم وتعودوا عليه من الزنا ظانّين أن كل العباد مثلهم ، فأتوه بامرأة حسناء ليواقعها فامتنع عنها ، ثم ذهبت المرأة إلى راعِ ينزل في ظل صومعة “جريج” فمكّنته من نفسها لتحصل على المال ، فلما حبلت زعمت أنه ابن “جريج” ، هنا كان لزاماً على رعايا الفساد أن يحتفلوا ويهنؤوا أنفسهم بإفساد آخر متخلّق فيهم كما زعمت وكيلتهم ، لكن من الغريب أنهم تحولوا من رعايا فساد إلى ناهين عنه ، وهذا أمر مستغرب حقا في طبائع البشر ، ألستم أنتم صناع الفساد ورعاياه الذين جعلتم البلد كلها تتحول إلى مستنقعات آسنة تتحكمون فيها كيفما شئتم بما يفسد القيم والمؤسسات ويسمم هواء الحرية لأجيال ؟ ، لقد تصايح رعايا الفساد وأخذوا فؤوسهم ومعاولهم ليهدموا على الراهب المسكين صومعته ، واتهموه بما هم أهله ، وتنادوا ” اللهم إن هذا منكر ” أنت يا جريج فعلت وفعلت..
يا قوم منذ متى تحولتم إلى وعاظ وشرفاء ؟ منذ متى كان حزبكم يحمي الشرف والنزاهة و الأخلاق ؟ لكن هذا حال الشياطين دائما ( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريئ منك إني أخاف الله ) هنا إستطاع جريج العابد أن يتخلص بمعجزة من التهمة الصعبة التي لفقها له برلمان المعارضة الساقطة فنطق الصبي في مهده وتبرّأ من كونه ابن جريج وقال أبي “الراعي” .. فنجاه الله .

ونحن في بلدنا اليوم لا نحتاج لمعجزات لينطق الفساد بأبيه وكل مسؤول يعلم أن أي بقعة أو مؤسسة فاسدة إذا ” نغزناها ” كما فعل جريج ستشير “ابي فلان” الذي ينتمي إلى حزبكم وحلفائكم ، فكيف تنسبون الفساد إلى جريج العابد وهو لم يبرح صومعته ؟
إن واقع بلدنا اليوم يجعلنا نوقف المسؤولين عن هذا التمأزق الحاصل عند مسؤولياتهم ولا نجعلهم يمرّرون خطة الإيقاع بجريج في براثن الفساد ، فأحزاب فاسدة وراعية للفساد وكان مسؤولوها وراء الإعتقالات و الإختطافات طوال سنين وسيطروا على دواليب الحكم فضيقوا موارد العيش لا يجوز أن نسمح لهم أن يتهموا حزبا لَماّ تتلطخ أيديه بعد بما احترفوه هم .
وأي مرحلة قادمة لهذا البلد الذي كلما نطق ناطق إلا أخبرنا أنها تمر ب”مرحلة تاريخية ” هذه المرحلة التي هرمنا عليها يجب أن تمر ، ولن تمر بالتحالف مع أعداء “جريج” أو خدمة أجنداتهم الفاسدة ، بل يجب أن نضرب على أيديهم ونعلمهم أن الشعب قد إستفاق وأن صرخاتكم ضد “جريج” لا تزيدنا إلا يقينا أنكم أهل “البغاء السياسي” حقا .
فشتان بين حزب إختاره الشعب وأوصله لسدة الحكم بديمقراطية شهد عليها العالم وبين حزب إختاره القصر ليكون حليفه في الحكم بانتهازية ، ويراهن على منطق الإستقواء والغلبة للأقوى ، بينما نراهن نحن على أن البقاء للأصلح ، قال سبحانه : ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) .
أقول هذا شهادة لله بعدما رأيت إستقطابا متعمّدا و مدروسا يتم لأبناء بلدتي للتحالف مع الفاسدين متهمين ” الحكومة الجديدة” بما تريد تخليصنا منه وقد رأينا من بركاتها ما لم ينجحوا هم فيه لسنين رغم العثرات والأزمات التي هي نتاج سياساتهم طوال عقود .
لن نخدع بكم أخرى فشتان بين “جريج” وبين محترفي البغاء ، وفرق كبير بين أن نكون مخالفين لسياسة الحكومة وحزب العدالة والتنمية وبين أن نصدق رعايا الفساد و مؤسسيه في بلدنا المنهك تحت سطوتهم ..

تعليق واحد

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح