رشيد صبار يكتب: قصة “سلوى وجرس المنبه” لاحمد بوكماخ… والساعة القانونية ببلادنا

ريف ديا: بقلم رشيد صبار

نعود بكم اعزائي القراء الى إحدى القصص من قصص الكاتب احمد بوكماخ… من المسرح والسياسة الى تأليف سلسلة “اقرأ” “احمد والعفريت” ، “القرد و النجار”،” الشعب والحكومة”… قصص تناولناها في مقالات سابقة، قصص مازال جيل باكمله، من مغاربة ما بعد الاستقلال، يتذكرونها بكثير من الشغف والحسرة. نوستالجيا الزمن الجميل تجرهم” اقرأ” يتباهون بترديد مقاطعها في احاديثهم، ويتفاخرون بكونهم خريجي “احمد بوكماخ”وكانوا يؤمنون بتوقعاته وتصوراته في زمننا هذا وبعد مرور اكثر من نصف قرن على اصدارها.
اليوم نتناول في هذا العمود قصة جديدة للكاتب احمد بوكماخ التي عنونها ب “سلوى وجرس المنبه”وما كان تنبؤ وتوقع الكاتب من خلال هذه القصة التالية:
اتعرف من انا؟ اناسلوى، وعمري خمس سنوات، وطولي ستون سنتيمترات، اما وزني فضئيل جدا، وتقول < <ماما>>انني لا اكل ما يكفيني. اما <<بابا>>فيقول :<<ان السبب في الشقاوة>> فهل انا شقية؟ ساقص عليكم هذه القصة، ولكم ان تحكموا.
كنت اعلم ان ابي سيسافر في الساعة الخامسة من صباح الغد؛ وانه ضبط جرس المنبه، ليوقظه في الساعة الرابعة، ولذلك نام مبكرا. وقبل ان انام، لاحظت ان المنبه يختلف عن ساعة الحائط، بنحو ساعتين، فتسللت على اطراف اصابعي، وضبطت المنبه، حتى لا يتأخر ابي عن موعد سفره.
واستيقظت في صباح الغد عن صراخ ابي بجانب فراشي، وهو يقول :هل عبثت بالمنبه ايها الشقية ؟ان الجرس لم يدق الا في الساعة السادسة، وقد فاتني القطار <<هل انا شقية! ؟>>من ادراني ان ساعة الحائط كانت متأخرة ساعتين.
ما كان يتوقعه كاتبنا، انه ليس والد سلوى من سيتعطل عليه السفر، بل بعد اكثر من نصف قرن سيرتبك الكثير من المغاربة بعد التغيير المفاجئ للتوقيت على هواتفهم، اذ اضيفت ساعة كاملة في تحديث تلقائي من قبل شركات الاتصال ليعود الجدل حول”الخطأ” المتكرر بالبلاد.
وكانت السلطات المغربية قد قررت حذف ساعة من التوقيت الرسمي والعمل بتوقيت غرينيتش خلال شهر رمضان فقط، ولكن تسببت زيادة الساعة الاضافية قبل اسبوع من الوقت المحدد “بالخطأ” ولجأ المغاربة الى المواقع التواصل الاجتماعي للتحقيف من هذه الساعة المشؤومة ومن التوقيت الصحيح ومشاركة تجاربهم مع بقية المستخدمين، اذ تباين التوقيت بين هواتف العائلة الواحدة، وعبر مغردون عن استيائهم من تكرار النقاش السنوي حول الساعة والتغيير”غير المبرر “للتوقيت، والذي تسبب في ارتباك كبير واضطرابات لحيات الناس، خاصة بالنسبة للعاملين او الذين لديهم مواعيد او المرتبطين باسفار والذين تضرروا كثيرا في فقدان مواعيد السفر ووجود صعوبة في تغيير واسترجاع تذاكر الطيران.
وبعد اعلان المغرب اعتماد التوقيت الصيفي للبلاد بشكل نهائي، وبدا جدل واسع في البلاد بين مؤيدين ورافضين، لكن السلطات دافعت عن القرار ورأت ان الصيغة الجديدة تساهم في الحفاظ على الطاقة، لان المؤسسات الحكومية تغلق في وقت مبكر فضلا عن تقليص الفارق الزمني مع الشركاء الاروبيين.
رغم هذا التبرير من طرف الحكومة الا ان رواد التواصل الاجتماعي شنوا هجوما كبيرا على قرار زيادة ساعة اصافية للتوقيت الرسمي للبلاد، وعلق منتقدو الساعة الاضافية بان المغاربة لا يستفيدون شيأ من زيادة ساعة إلى التوقيت الرسمي، وبعيدة عن مصالحهم بقدر ما تخدم مصالح جهات اخرى وطالب منتقدوا القرار بجعل الساعة الزائدة تشمل فقط الادارات التي لها ارتباط بالمصالح الاقتصادية مع دول أوروبا، ونفوا ان تكون هذه الزيادة بغرض الحفاظ على الطاقة الكهربائية، كما بررت بذلك الحكومة، كما طالبوا الحكومة بالتخلي بشكل نهائي العمل بالساعة الاضافية وليس فقط في شهر رمضان، مع العلم ان استطلاعات الشعب المغربي يرفض الساعة الاضافية، متسائلين في ذات الوقت عن سبب تجاهل الحكومة المغربية لمطالب غالبية الشعب المغربي ،كل هذا تناولته مجموعة من الجرائد الورقية والمواقع الإلكترونية الوطنية مع الاحتفاظ بعدم ذكرها، اما النقابات العمالية ليس لها اي تأثير من الدفاع عن مصالح العمال، كما ظهر ذلك جليا خلال الاحتجاحات المتوالية ،حيث ظلت التجمعات النقابية غائبة تماما عن الدينامية المجتمعية خلال َ ظرفية زيادة هذه الساعة المشؤومة.
ألم يكن من الاجدر بدل التفكير في رفع وزيادة ساعة في التوقيت العادي، التفكير في معالجة ما يعيشه قطاع التعليم والصحة والتشغيل، الذين يواجهون عددا من الإشكالات المتفاقمة، الذي يبدو ان مختلف المخططات والبرامج العمومية لم تفلح في حلها، ما ادى الى اشتعال احتجاجات قوية في هذه القطاعات، الا يستحق رجال التعليم والصحة ومختلف موظفوا القطاعات الاخرى المطالبة في الزيادة في اجورهم بدل فرض زيادة ساعة اضافية في دخولهم وخروجهم للعمل.
وفي الاخير نطرح السؤال :هل سلوى كانت خاطئة وستحاول تصحيح هذا الخطأ وتطلب المعذرة من والدها، ومع ذلك، يمكن ان تحدث بعض الأخطاء، حتى الحكومة التي لديها المعرفة المطلوبة لتنفيذ مهمة بشكل صحيح وحتى عند اخفاقها يجب الاعتذار للشعب كما اعتذرت سلوى لوالدها، اما كاتبنا احمد بوكماخ فتوقعه كان صحيحا.
وخلاصة القول أنه من حظ سلوى أنها عاشت فقط في صفحات كتاب أحمد بوكماخ، أما لو أنها عاشت حقيقة الى جانبنا، لتم اعتقالها و رميها في غياهب السجن بعد اتهامها بزعزعة الساعة القانونية للبلاد و تدبير مؤامرة لخلق الفوضى في صفوف المواطنين.

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة adblock

المرجوا توقيف برنامج منع الإعلانات لمواصلة التصفح